{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ} أي: دم على التقوى. {وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} فيما يدعونك إليه. روي أنهم قالوا له: إن العرب لا تحتمل القهر فاعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة؛ فنزلت (١). كان رجل من العرب فصيح اللسان يقال له أبو عمرو، وكان يقول: إن لي قلبين أعقل بكل منهما كما يعقل محمد؛ فأنزل الله تعالى ذكره {ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}(٢). ومثل ذلك بمثالين؛ أن تكون المرأة أم الرجل وهي زوجته، وجعل الدعي نسيبا؛ فكما لا يجتمع هذان الأمران لا يجتمع أن يكون للرجل قلبان. {ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ} وكل قول لا يعضده دليل يعبر الله تعالى عنه بأنه قول بالفم، وإن كانت الأقوال كلها بالفم، أي: لا يواطئ عليها القلب. وقوله:{فِي جَوْفِهِ} زيادة تصوير للأمر كأنك تشاهده، ومنه قوله تعالى:{وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ}(٣). وقوله:{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}(٤).
وقد اشتق لفظ الظهار من قوله: أنت عليّ كظهر أمي. وكذلك تأفف الرجل إذا قال:
أفّ. وإنما عدي "ظاهر" ب "من"، وكان الظهار طلاقا في الجاهلية تجتنب فيه المرأة المظاهر منها؛ لأنه ضمن "تظاهر" معنى "تباعد" فعدي تعديته.
(١) رواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ٣٦٤ رقم ٦٨٨). (٢) رواه الطبري في التفسير (٢١/ ١١٨)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٥٦١) للفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٣) سورة الأنعام، الآية (٣٨). (٤) سورة الحج، الآية (٤٦).