{اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} روي أن أنس بن مالك قال: "إن أهل مكة (٢٨٢ /أ) سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية، فأراهم القمر قد انشق نصفين، وحراء بينهما"(١).
وقيل: إن الماضي يعني المضارع؛ أي: ينشق يوم القيامة، وفي قراءة حذيفة:(وقد انشق القمر)(٢) كما تقول: أقبل الأمير؛ إذا جاء المبشر بقدومه، وعن حذيفة: أنه خطب بالمدائن، فقال:"ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم"(٣).
{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} يرده، وكفى به رادا، {مُسْتَمِرٌّ} أي: دائم، وكل من دامت طريقته مستمر. لما رأوا تواتر المعجزات قالوا: هذا سحر مستمر وقيل:
{مُسْتَمِرٌّ} قوي؛ من قولهم: استمر مريره؛ أي: تضاعفت قوته. وقيل: هو من قولهم استمر الشيء: إذا اشتدت مرارته، أي: هو مر في حلوقنا لا نستطيع أن نسيغه؛ كما لا يساغ المر الشديد المرارة، أي: مستبشع عندنا، مر لهواتنا.
{وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ} بدفع الحق بعد ظهوره. {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} أي: كل الأمر لا بد أن يصير إلى غاية أو {وَكُلُّ أَمْرٍ} من أمرهم فله قرار مستقر عندهم. {وَإِنَّ الْآخِرَةَ}
(١) حديث انشقاق القمر رواه البخاري رقم (٣٨٦٩، ٣٦٣٦)، ومسلم رقم (٢٨٠٠). (٢) تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٧٣)، تفسير القرطبي (١٧/ ١٢٥)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ١٢٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٣)، المحتسب لابن جني (٢/ ٢٩٧). (٣) نسبه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (ص: ١٦١ - ١٦٢) للحاكم والطبراني وأبي نعيم من رواية ابن علية عن عطاء بن السائب عن ابن عبد الرحمن، ونسبه لعبد الرزاق من وجه آخر عن عطاء، ولأحمد من رواية شعبة عن عطاء.