يأتي الرهن في اللغة بعدة معانٍ؛ منها: الثبات والدوام، ومنها الحبس (١).
والرهن في الشرع: جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفي منها أو من ثمنها إذا تعذَّر الوفاء (٢).
اختلف الفقهاء في حكم رهن الْوَقْف على قولين:
القول الأول: منع رهن الْوَقْف وتوابعه:
وهو ظاهر مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والإمامية، والإباضية، والمعتمد عند الزيدية.
فجاء عن الحنفية قولهم:"المتولي إذا رهن الْوَقْف بدَين لا يصح (٣)، بل قَرَّروا عزله، وعدُّوا ذلك خيانة منه؛ إذ جاء عنهم أيضًا: "متولي الْوَقْف باع شيئًا منه أو رهن؛ فهو خيانة، فيُعزل" (٤)، وهذا عملا بما تقرَّر عندهم من القاعدة الكلية في قولهم: "ما يجوز بيعه يجوز رهنه، وما لا يجوز بيعه لا يجوز رهنه" (٥)، وعلَّلوا ذلك أيضًا بقولهم: "لأنَّهُ لا يمكن بيعها وإيفاء الدين منها، وهو المقصود بالرهن" (٦).
وظاهر مذهب المالكية القول بمنع رهن الْوَقْف، ومن ذلك ما نقله لنا صاحب مواهب الجليل في قوله: "شتل الشيخ تقي الدين: إذا وقف كتابًا على عامة
(١) انظر: لسان العرب مادة (رهن). (٢) انظر: أسنى المطالب، الأنصاري، ٢/ ١٤٤، ورد المحتار، ابن عابدين، ٥/ ٣٠٧، وحاشية الدسوقي، ٣/ ٢٣١، والمغني، ابن قدامة، ٤/ ٣٦١، ونهاية المحتاج، الرملي، ٤/ ٢٣٣. (٣) الفتاوي الهندية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، ٢/ ٤٢٠، والاختيار لتعليل المختار، ابن مودود الموصلي، ٣/ ٥٣. (٤) الفتاوي الهندية، الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، ٢/ ٤١٣. (٥) المرجع السابق، ٢/ ٤١٣. (٦) منار السبيل في شرح الدليل، ابن ضويان، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، ط ٧، ١٤٠٩ هـ. / ١٩٨٩ م، ٣٥٣.