فتح القدير في معرض الكلام على اشتراط عدم الحجر على الواقف لصحة الوقف:"ينبغي أنه إذا وقفها في الحجر للسفه على نفسه ثم لجهة لا تنقطع أن يصح على قول أبي يوسف، وهو الصحيح عند المحققين وعند الكل إذا حكم به حاكم"(١).
ثالثًا: وقف السفيه المحجور عليه بإذن القاضي:
اختلف الفقهاء في صحة وقف السفيه إذا وقف بإذن القاضي، على قولين:
القول الأول: بطلان وقفه، وإليه ذهب الشافعية والحنابلة، وبعض الحنفية (٢) فذكر القليوبي الشافعي في شرحه على عبارة المحلى أنه: "لا يصح وقف الصبي والمجنون والسفيه ولو بمباشرة أوليائهم"(٣). وجاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة أن: الهبة من الصبي لغيره باطلة؛ لأنه محجور عليه، ولو أذن فيها الولي لم تصح؛ لأنه متبرع، وكذا السفيه لا تصح هبته ولو أذن فيها وليه (٤).
القول الثاني: صحة وقفه، وإليه ذهب الإمامية، وبعض الحنفية، فجاء في الفتاوى الظهيرية من كتب الحنفية:"سئل أبو بكر البلخي عن محجور عليه وقف ضيعة له؛ فقال: وقفه باطل، إلا أن يأذن له القاضي، وقال أبو القاسم: لا يجوز وقفه، فهما أفتيا على قول الصاحبين"(٥)، وذكر الحموي أنه: على قول الإمام أبي حنيفة يجوز وقفه؛ لأن لا يرى الحجر بالسفه (٦).
(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، ٥/ ٢٠٣. (٢) انظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٣/ ٧٤، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الصنعاني، ٣/ ٢٨٤، وحاشيتا قليوبي وعميرة على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين، شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة، ٣/ ٩٩. وكشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٣٠٣. (٣) انظر: حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح جلال الدين المحلى على منهاج الطالبين، شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلامة القليوبي وأحمد البرلسي عميرة، ٣/ ٩٩. (٤) انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي، ٤/ ٣٠٣. (٥) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد مكي الحسيني الحموي الحنفي، ٣/ ٧٤. (٦) انظر: المرجع السابق، ٣/ ٧٤.