ب) أما إذا كان الوقف على جهة؛ كالفقراء والفقهاء أو قنطرة: فلا بد من قبض الناظر، وإن لم يكن ناظرًا فينصب الحاكم قيمًا يقبض الوقف، ولو قبض الحاكم جاز قطعًا؛ لأنه نائب عن الموقوف عليه (١).
[القول الثاني: الذي لا يرى اشتراط حيازة الموقوف عليه للوقف]
أولًا: قول أبي يوسف:
وهو أن القبض ليس بشرط، والوقف جائز قبض من المتصدق به أو لم يقبض، فلم يجعل حيازة الموقوف عليه شرطًا.
فقال الكاساني:"وأما شرائط الجواز فأنواع بعضها يرجع إلى الواقف وبعضها يرجع إلى نفس الوقف وبعضها يرجع الموقوف، أما الذي يرجع إلى الواقف فأنواع ... ومنها: أن يخرجه الواقف من يده ويجعل له قيمًا، ويسلمه إليه عند أبي حنيفة ومحمد، وعند أبي يوسف هذا ليس بشرط، واحتج بما روي أن سيدنا عمر - رضي الله عنه - وقف وكان يتولى أمر وقفه بنفسه وكان في يده، وروي عن سيدنا علي - رضي الله عنه - أنه كان يفعل كذلك؛ ولأن هذا إزالة الملك لا إلى أحد (٢) فلا يشترط فيه التسليم؛ كالإعتاق"(٣).
وذكر علي القاري في فتح باب العناية بشرح النقاية:" (وعند أبي يوسف يزول) ملك الواقف (بنفس القول) وهو قول الشافعي وأكثر أهل العلم، لأنه إسقاط للملك، كالإعتاق"(٤).
(١) انظر: جامع المقاصد في شرح القواعد، المحقق الثاني الشيخ علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي، ٩/ ٢٣ - ٢٤، و إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، العلامة الحلي أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي، ١/ ٤٥٣. (٢) في الأصل: (حد)، وما أثبتناه أصح. (٣) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي، ٦/ ٢١٩ - ٢٢٠. (٤) فتح باب العناية بشرح النقاية، ملا علي القاري، ٢/ ٥٦٥.