وذلك لأن صحة التبرعات أو ما في معناها من الإسقاطات تتوقف على كمال العقل (١).
وجمع الزيدية شرطي العقل والبلوغ في الواقف بقولهم: يُشترط في الوقف التكليف (٢).
والمراد باشتراط العقل كماله، فلا يصح الوقف من فاقده أو ناقصة، ويتفرع على هذا المسائل الآتية:
أولًا: وقف المجنون:
الجنون لغة: زوال العقل أو فساده (٣).
واصطلاحًا: اختلاط العقل بحيث يمنع وقوع الأفعال والأقوال على النهج المستقيم إلا نادرًا (٤).
والمجنون إما أن يكون جنونه مطبقًا أو متقطعًا.
أ) فإن كان جنونه مطبقًا غير متقطع: فقد اتفق الفقهاء على عدم صحة الوقف منه (٥)؛ لأنه بالجنون تسلب الدلالات واعتبار الأقوال، فلا تصح هبته ولا صدقته
(١) انظر: أحكام الوصايا والأوقاف، محمد مصطفى شلبي، ٣٤٦. (٢) انظر: عيون الأزهار في فقه الأئمة الأطهار، الإمام المهدي أحمد بن يحي المرتضي، دار الكتاب اللبناني، ١٩٧٥ م، ٣٥٩. (٣) انظر: المغرب في ترتيب المعرب، أبو الفتح ناصر الدين بن عبد السيدبن علي بن المطرزي الناشر مكتبة أسامة بن زيد، حلب، ط ١، ١٩٧٩ م، ١/ ١٦٦. (٤) انظر: التوقيف على مهمات التعاريف، زين الدين محمد بن تاج العارفين الحدادي المناوي القاهري، عالم الكتب، القاهرة، ط ١، ١٤١٠ هـ/ ١٩٩٠ م، ١٣١. (٥) انظر: الفتاوى الهندية، لجنة علماء برئاسة نظام الدين البلخي، ٢/ ٣٥٢، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني، ٦/ ٢١٩، وبلغة السالك لأقرب المسالك (حاشية الصاوي)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، ٤/ ١٠١،، ومطالب أولي النهي في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده الدمشقي الحنبلي، ٤/ ٢٧٥، وتحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحسن بن يوسف بن علي المطهر المعروف بالحلي، ٣/ ٢٩٥، وشرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار، أبو الحسن عبد الله بن مفتاح، ٣/ ٤٥٩، والمحلى بالآثار، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري، المسألة (١٣٩٩) ٧/ ١٩٩، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن نجيم الحنفي، الناشر دار المعرفة، بيروت ٨/ ٨٩، ودرر الحكام شرح مجلة الأحكام، علي حيدر خواجه أمين أفندي، المادة (٩٤٤)، ٢/ ٩٥٦.