للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما يزالون يعتقدون أنهم بالمناورة قد يرفعون الحصار عن بغداد، فحاولوا أن يظهروا رباطة جأش وبغداد تضرب وقالوا للخليفة: إن سيرت إلى هولاكو الكثير من الهدايا، فإنه سيفسر ذلك بأننا هلعنا وجزعنا كثيرا (١). فأرسل الخليفة صاحب دوانه وابن درنوش إلى هولاكو بهدايا نزرة، فسألهم هولاكو: لم لم يأت الدويدار وسليمان شاه؟ فكتب إليه الخليفة بأنه سيسير إليه وزيره ابن العلقمي، وهو أحد الثلاثة الذين كان قد طلبهم (٢).

وخرج الوزير ابن العلقمي من بغداد يوم الاثنين (١٤) محرم سنة (٦٥٦ هـ/ ١٢٥٨ م) في جماعة من مماليكه وأتباعه، وكان أتباعه ينهون الناس عن الرمي بالنشاب، ويقولون: سوف يقع الصلح إن شاء الله، فلا تحاربوا. أما عسكر التتار فكانوا يبالغون في الرمي، ويمطرون برج العجمي بحجارة المجانيق (٣).

وبقي الوزير ابن العلقمي في معسكر هولاكو نحو ثلاثة أيام (٤)، يتوثق لنفسه منه، متحالفا معه، استجلابا لمصلحته، وقد رأى بغداد آيلة للسقوط، وانتقاما من أعدائه: الدويدار الصغير وسليمان شاه، بل انتقاما من الخليفة نفسه، ورجع إلى بغداد يوم الخميس (١٧) محرم، وكأنه رسول من هولاكو، قائلا عن لسانه: إن هولاكو قد طلب أحد الثلاثة حين كان مقيما بنواحي همذان، أما الآن، وهو على أسوار بغداد، فلن يقنع بواحد منهم (٥).

فكان لا بد من خروج الدويدار وسليمان شاه إليه، وحاول الدويدار الهروب من بغداد، غير أن الحصار المحكم حولها حال دون هروبه (٦)، ويبدو أن الوزير


(١) «تارخ مختصر الدول»: ص ٢٧١.
(٢) «تارخ مختصر الدول»: ص ٢٧١.
(٣) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٧.
(٤) المصدر السالف.
(٥) «تارخ مختصر الدول»: ص ٢٧١.
(٦) المصدر السالف.

<<  <   >  >>