للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مياه دجلة، وأغرقت الطرق والمسالك، فعجزت خيول المنهزمين عن سلوكه، ووحلت فيه، فلم يخلص منه إلا من كانت فرسه شديدة، وألقى معظم العسكر نفسه في دجلة، فهلك منهم الكثير، ودخل بغداد من نجا منهم مع الدويدار على أقبح صورة (١).

وتبعهم بايجو نوين وعسكره يقتلون فيهم، وغنموا كل ما معهم، ونزلوا بالجانب الغربي من بغداد، وقد خلا من أهله، وشرعوا في الرمي بالنشاب إلى الجانب الشرقي، حيث دار الخلافة (٢).

وارتاع الخليفة لتحطم جيشه بهذه السرعة أشد ارتياع، ولم يبق أمامه للدفاع عن بغداد إلا إغلاق أبوابها، فأغلقت (٣).

وكانت سهام التتار تصل إليه، وهو في داره، وذات ليلة، وبينما كانت إحدى جواريه ترقص بين يديه تسلية له، وتخفيفا من جزعه، اخترق سهم بعض شبابيك الدار، فقتلها، فازداد الخليفة غما على غم، وكان التتار قد كتبوا على السهم سخرية به، وتثبيطا له: إذا أراد الله أن ينفذ قضاءه سلب ذوي العقول عقولهم (٤).

وزيادة في الاحتراز والتحصن داخل دار الخلافة أمر الخليفة بعمل ستائر من أنواع الخشب كي تحول بين شبابيك الدار ورماة التتار (٥).

* * *

ووصل هولاكو إلى الجانب الشرقي من بغداد يوم السبت (١٢) محرم سنة (٦).


(١) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٦.
(٢) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٦، و «خطط بغداد في القرن الخامس الهجري»: ص ٢٣.
(٣) «عقد الجمان»: ص ١٧٠.
(٤) «الحوادث الجامعة»: ص ١٥٦.
(٥) المصدر السالف.
(٦) «البداية والنهاية» (حوادث سنة ٦٥٦ هـ)، و «عقد الجمان»: ص ١٧١.

<<  <   >  >>