الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
وبعد:
فقد ورد إلي سؤال عن حكم حلق اللحية أو قصها، وهل يكون من حلقها معتقدا حل ذلك كافرا؟ وهل يقتضي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها، أم لا يقتضي إلا استحباب الإعفاء؟
الجواب: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال: «قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين (٢) » متفق على صحته، ورواه البخاري في صحيحه بلفظ: «قصوا الشوارب، ووفروا اللحى، خالفوا المشركين (٣) » ، وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (٤) » .
وهذا اللفظ في الأحاديث المذكورة يقتضي وجوب إعفاء اللحى وإرخائها، وتحريم حلقها وقصها؛ لأن الأصل في الأوامر: هو الوجوب، والأصل في النواهي: هو التحريم ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم، وقد قال الله سبحانه:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(٥) وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(٦)
(١) سبق أن نشرت في كتاب سماحته (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) الجزء الثالث صـ ٣٧٢-٣٧٤. (٢) مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٢٩) . (٣) مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٢٩) . (٤) صحيح مسلم الطهارة (٢٦٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٦٦) . (٥) سورة الحشر الآية ٧ (٦) سورة النور الآية ٦٣