وأمَّا السَّعْيُ المأمورُ به في الآية فهو الذهابُ إليها على وجهِ الاهتمامِ بها، والتفرُّغِ لها عن الأعمال الشاغلة، من بيعٍ وغيره، والإقبال بالقلب على السعي إليها (١).
وكذلك قوله ﷿ في قصة فرعون لمَّا قال له موسى: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ إلى قوله ﷿: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى﴾ [النازعات: ١٨ - ٢٣]، فهذا اهتمامٌ واجتهادٌ في حَشْدِ (٢) رعيته، ومناداته فيهم.
وكذلك قوله: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾ [البقرة: ٢٠٥] هو عَمَلٌ بهِمَّةٍ واجتهادٍ.
ومنه سُمِّيَ السَّاعي على الصدقة، والسَّاعي على الأَرْملةِ واليتيم.
ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)﴾ [الليل: ٤]؛ وهو العمل الذي يقصده صاحبه ويعتني به، لِيَتَرَتَّبَ (٣) عليه ثوابٌ أو عقابٌ، بخلاف المباحات المعتادة، فإنَّها لم تدخل في هذا السَّعْي، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦)﴾ [الليل: ٥، ٦] الآية وما بعدها.
(١) انظر: "الإحسان في تقريب صحيح ابن حِبَّان" (٥/ ٥٢٣)، و"التمهيد" لابن عبد البر (٢٠/ ٢٣١)، و"شرح السنَّة" للبغوي (٢/ ٣١٧). (٢) في (ز) و (ح) و (م): حشر. (٣) من (ح) و (م)، وفي باقي النسخ: لترتب.