وهذا التصويرُ بعد التصوير نظيرُ التقديرِ بعد التقدير:
فإنَّ (١) الرَّبَّ - تعالى - قدَّرَ مقادير الخلائق تقديرًا عامًّا قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألفَ سنةٍ (٢)، وهناك كُتبت السعادةُ، والشقاوةُ، والأعمالُ، والأرزاقُ، والآجالُ.
الثاني: تقديرٌ بعد هذا وهو أخصُّ منه، وهو التقدير الواقع عند القَبْضَتين، حين قَبَضَ ﵎ أهلَ السعادة بيمينه وقال:"هؤلاء للجَنَّة، وبعمل أهل الجَنَّة يعملون"، وقَبَضَ أهلَ الشقاوة باليد الأخرى وقال:"هؤلاء للنَّار، وبعمل أهل النَّار يعملون"(٣).
(١) هذا هو النوع الأول من أنواع التقدير. (٢) أخرج مسلم في "صحيحه" رقم (٢٦٥٣) عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "كتب اللهُ مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء". (٣) أحاديث "القبضتين" رواها جمعٌ من الصحابة، فمن ذلك: ١ - حديث أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله - تعالى - قبض قبضةً، فقال: للجنَّة برحمتي. وقبض قبضةً، فقال: للنَّار ولا أُبالي". أخرجه: ابن أبي عاصم في "السنَّة" رقم (٢٤٨)، وأبو يعلى في "مسنده" رقم (٣٤٢٢، ٣٤٥٣)، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ٢٧٧)، والدولابي في "الكُنَى" رقم (١٣٨٣)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٦٢٤)، والبيهقي في "القدر" رقم (٦٣). =