ولمَّا بَلَغَهُ عن زينب بنت جَحْش أنَّها تصلِّي الليلَ كلَّه، حتَّى جعلت حَبْلًا بين ساريتين، إذا فَتَرَت تعلَّقَتْ به = أنكر ذلك، وأمر بَحَلِّه (٢).
السابع: أنَّ الله - تعالى - أَثْنَى عليهم بأنَّهم كانت ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦]، وهذه المضاجع إنَّما هي مضاجع النَّوم، فكانت جُنُوبُهم تتجافى وتقلق عنها حتَّى يقوموا إلى الصلاة، ولهذا جازاهم عن هذا التجافي - الذي سببه قَلَقُ القلب واضطرابُه حتَّى يقوموا إلى الصلاة - بِقُرَّةِ الأَعْيُنِ.
الثامن: أنَّ الصحابة - الذين هم أوَّلُ وأَوْلَى من دخل في هذه الآية - لم يفهموا منها عدم نومهم بالليل أصلًا.
فروى يحيى بن سعيد (٣)، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس في قوله تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)﴾ قال: "كانوا يُصَلُّون فيما بين المغرب والعشاء" (٤).
(١) أخرجه: عبد الرزاق في "المصنف" رقم (١٠٣٧٥)، وأحمد في "المسند" (٦/ ١٠٦ و ٢٢٦ و ٢٦٨)، وأبو داود في "سننه" رقم (١٣٦٩)، والبزار "كشف الأستار" رقم (١٤٥٧ و ١٤٥٨)، وابن حبَّان في "صحيحه" رقم (٩)، والطبراني في "الكبير" رقم (٨٣١٩)؛ من حديث عائشة ﵂. وللحديث شواهد يتقوى بها. (٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (١١٥٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (٧٨٤)؛ من حديث أنس بن مالك ﵁. (٣) في جميع النسخ: بَحِيرُ بن سعد، وهو تصحيف، والتصحيح من المصادر. (٤) أخرجه: أبو داود في "سننه" رقم (١٣٢٢)، ومن طريقه البيهقي في "السنن =