وفي "الصحيحين" أنَّ يَعْلَى بن أُميَّة كان يقول لعُمَر: ليتني أَرَى رسولَ الله ﷺ حين ينزل عليه الوحي، فلمَّا كان بالجِعِرَّانَة (١) سأله رجلٌ، فقال: كيف ترى في رجلٍ أحرم بعمرةٍ في جُبَّةٍ، بعدما تَضَمَّخَ بالخَلُوق (٢)؟ فنظر إليه النبيُّ ﷺ ساعةً، ثُمَّ سكت، فجاءَهُ الوحيُ، فأشار عمرُ بيده إلى يَعْلَى، فجاء، فادخَلَ رأسَهُ، فإذا النبيُّ ﷺ مُحْمَر يَغِطُّ (٣)، ثُمَّ سُرِّيَ عنه، فقال:"أين السائل آنفًا؟ " فجِيءَ به، فقال:"انْزِعْ عنكَ الجُبَّةَ، واغسِلْ أَثَر الطِّيبِ، واصْنَعْ في عُمْرَتك ما تصنَعُ في حَجِّكَ"(٤).
= ٦٦٣٣ - ٦٦٣٤، ٦٨٢٧ - ٦٨٢٨، ٦٨٣٥ - ٦٨٣٦، ٦٨٤٢ - ٦٨٤٣، ٦٨٦٠، ٧٢٥٨ - ٧٢٦٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٦٩٧ - ١٦٩٨)، وغيرهما من حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني ﵄. (١) "الجِعرانة": لا خلاف في كسر أوَّله، وأصحاب الحديث يكسرون عينه، ويشدِّدون راءه. وأهل الأدب يخطئونهم؛ ويسكِّنون العين، ويخفِّفون الراء. والصحيح أنهما لغتان جيدتان. قال علي بن المديني: "أهل المدينة يثقِّلون "الجعرَّانة" و"الحديبيَّة"، وأهل العراق يخففونهما". وهي منزِلٌ بين الطائف ومكة، وقربها إلى مكة أكثر، نَزَلَهُ رسول الله ﷺ وقسم بها غنائم حُنَين، وأحرم منها بالعمرة. "مراصد الاطلاع" لصفيِّ الدين البغدادي (١/ ٣٣٦) بتصرف يسير. (٢) "الخَلُوق": طِيبٌ معروفٌ، مركَّبٌ، يُتَّخَذُ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، وتغلِبُ عليه الحمرة أو الصفرة. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٢/ ٧١)، و"المصباح المنير" للفيومي (٢٤٦). (٣) "يَغِطُّ": من الغطيط؛ وهو: صوت النَّفَس المتردِّد من النائم أو المُغْمَى عليه. وسبب ذلك - في الحديث - شدَّة ثقل الوحي. "الفتح" (٣/ ٤٦١). (٤) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (١٧٨٩، ١٨٤٧، ٤٣٢٩، ٤٩٨٥) وفي رقم (١٥٣٦) معلقًا، ومسلم في "صحيحه" رقم (١١٨٠).