قالوا: فهي تعدو ضَبْحًا، فَتُوري بأخفافها النَّارَ من حَكِّ الأحجار بعضها ببعضٍ، فتثير النَّقْعَ -وهو الغُبار - بِعَدْوِها، فتتوسَّط (١) جَمْعًا وهو المزدلفة.
قال أصحاب قول "الخيل": المعروف في اللغة أنَّ "الضَّبْحَ" أصواتُ أنفاس الخيل إذا عَدَوْنَ (٢)، والمعنى: والعادياتِ تضبح ضبحًا، أو: والعادياتِ ضابحةً، فتكون "ضَبْحًا" مصدرًا على الأوَّل، وحالًا على الثاني.
قالوا: والخيل هي التي تَضْبَحُ في عَدْوِها ضَبْحًا، وهو صوتٌ يُسْمَعُ من أَجْوَافِها، ليس بالصَّهِيل ولا الحَمْحَمَةِ، ولكنه صوت أنفاسها في أجْوَافِها (٣) من شدَّة العَدْوِ.
قال الجُرْجَانيُّ (٤): "كلا القولين قد جاء في التفسير، إلا أنَّ
= من البَزْل، وهو الشَّقُّ، وذلك أن نَابَه إذا طلع شقَّ اللحم عن مَنْبَته شَقًّا، وهو أقصى أسنان البعير، فليس بعد "البَازِل" سِنٌّ تسمى. "الوَجْنَاء": يقال: ناقةٌ وجْنَاء: تامة الخَلْق، غليظة لحم الوَجْنَة، صلبةٌ شديدةٌ، مشتقة من "الوجين"؛ وهي الحجارة أو الأرض الصلبة. "الأَلُّ": السير السريع، يقال: أَلَّ يَؤُلُّ ألًّا، إذا أسرع واهتزَّ. والرواية في جميع المصادر: "الرَّمل" بدلًا عن: "الأَلّ". انظر: "المخصَّص" لابن سيده (٢/ ١٣٨ و ١٨٦)، و"لسان العرب" (١/ ١٨٤ و ٤٠٠) و (١٥/ ٢٢٤). (١) في (ح) و (م) بياء فتاء، فيكون المراد به: الغُبار. وما أثبته من باقي النسخ فيكون المراد به: الإبل، وهو الصواب؛ لأن الآيات تتكلم عنها، والتوسط من صفتها. (٢) انظر: "الصحاح" (١/ ٣٨٥)، و"تهذيب اللغة" (٤/ ٢١٩). (٣) من قوله: "من أجوافها. . ." إلى هنا؛ ساقط من (ز). (٤) هو الحسن بن يحيى الجرجاني، وقد سبقت ترجمته (ص/ ١٧).