(قالوا: نعم، قال: فتعلمون أنه) - صلى الله عليه وسلم - (نهى أن يُقرَن بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما) حرف تنبيه (إنها) أي المقارنة بين الحج والعمرة (معهن) أي مع الأمور التي نهى عنها (ولكنكم نسيتم).
قال الخطابي (٥): لم يوافق الصحابةُ معاويةَ على هذه الرواية، وإن ثبت يحمل على الأفضل؛ لأن الإفراد أفضل من القران على بعض المذاهب.
قلت: بل الحديث محمول على أن معاوية - رضي الله عنه - فهم من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج إلى العمرة (٦)، وتَلَهُّفِه - صلى الله عليه وسلم - على إرسال الهدي وتمنيه عدمَ سوقِ الهدي، والحِلِّ بعد العمرة؛ بأن القران منهي عنه، وكان هذا مخالفًا لإجماع الصحابة، فلا يُحْتَجُّ برأي معاوية - رضي الله عنه - على الانفراد.
ويحتمل أن يقال: إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن بين الحج والعمرة بأن يهلّ أولًا بالحج، ثم أدخل عليه إحرام العمرة؛ وهذا الأمر أي إدخال إحرام العمرة على إحرام الحج منهي عنه، قال في "لباب المناسك": وإن قدمه أي الحج إحرامًا بأن أدخل إحرام العمرة على إحرام الحج كره, لأنه خلاف السنة، انتهى.
(١) في نسخة: "نهى عن". (٢) في نسخة: "قالوا". (٣) في نسخة: "هذه". (٤) في نسخة: "قال". (٥) انظر: "معالم السنن" (٢/ ١٦٧). (٦) وقد أخرج مالك في "الموطأ" (١/ ٣٤٣) "باب العمرة في أشهر الحج": أن رجلًا سأل سعيدَ بنَ المسيب، فقال: أعتمر قبل أن أحج؟ فقال سعيد: نعم، قد اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحِج. (ش).