يكون وصفًا لها؛ لأنه لا يتقدَّم موصوفَه، فذهب وهمه إلى أن الاسم المجرور المقدَّم هو الخبر، والحديث عن النكرةِ (ق/١٤٩ أ)، وهو محط الفائدة.
إذا عرفت هذا؛ فمن التخصصات المسوِّغة للابتداء بها أن تكون موصوفة، نحو:{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ}[البقرة: ٢٢١] أو عامة، نحو:"ما أحدٌ خيرٌ من رسول الله"، و "هل أحدٌ عندك".
ومن ذلك: أن تقعَ في سِيَاق التفضيل، نحو قول عمر:"تمرةٌ خير من جرادة"(١)، فإن التفضيل (٢) نوع من التخصيص بالعموم، إذ ليس المراد واحدة غير معينة من هذا الجنس؛ بل المراد: أن هذا الجنس خير من هذا الجنس، وأتى بالتاء الدالة على الوحدة، إيذانًا بأن هذا التفضيل ثابت لكل فرد فرد من أفراد الجنس، ومنه تأويل سيبويه في قوله تعالى:{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ}[محمد: ٢١]"فإنه قدَّرَه: طاعة أمثل (٣)، وقول معروف أَشْبه وأَجْدر بكم، وهذا أحسن من قول بعضهم: أن المسوِّغ للابتداء بها هاهنا العطف عليها؛ لأن المعطوف عليها موصوف، فيصح الابتداء به، وإنما كان قول سيبويه أحسن؛ لأن تقييد المعطوف بالصفة لا يقتضي تقييد المعطوف عليه بها، ولو قلت: "طاعة أمثل" لساغَ ذلك وإن لم يُعْطف عليها.
ومنه: وقوع النكرة في سياق تفصيلٍ بعد إجمال، كما إذا قلت: "اقْسِم هذه الثياب بين هؤلاء؛ فثوب لزيد، وثوب لعَمْرو، وثوب لبكر"، فإن النكرة هاهنا تخصَّصت وتعيَّنت وزال إبهامها وشياعها في
(١) أخرجه عبد الرزاق: (٤/ ٤١٠)، وابن أبي شيبة: (٣/ ٤٢٥). (٢) من قوله: "نحو قول ... " إلى هنا ساقط من (ق). (٣) "الكتاب": (١/ ١٤١).