العطف (١) مع الواو، فالوَاوُ هِيَ العاطفة دونه؛ فمن ذلك "إما"، إذا قلت:"إما زيد وإما عَمَرو"، وكذلك "لا" إذا قلتَ: "ما قام زيد (ق / ٧٩ ب) ولا عَمْرو"، ودخلت "لا" لتوكيد النفي، ولئلا يتوهم أن "الواو" جامعة، وأنك نفيتَ قيامهما في وقت واحد.
[فصل في لا العاطفة]
ولا تكون "لا"(٢) عاطفة إلا بعد إيجاب، وشرطٌ آخر، وهو أن يكون الكلام قبلها يتضمَّن بمفهومِ الخطاب نفيَ الفعل عما بعدها، كقولك:"جاءني رجلٌ لا امرأة، ورجل عالم لا جاهل"، ولو قلتَ:"مررتُ برجل لا زيد"، لم يَجُز، وكذلك:"مررتُ برجل لا عاقل"؛ لأنه ليس في مفهوم الكلام ما ينفي الفعل عن الثاني، وهي لا تدخل إلا لتوكيد نفيٍ، فإن أردت ذلك المعنى جئت بلفظ "غير"، فتقول:"مررتُ برجل غير زيد"، و"برجل غيرِ عالمٍ"، ولا تقول:"برجلٍ غير امرأة"، ولا:"بطويل غير قصير"؛ لأن في مفهوم الخطاب ما يغنيك عن مفهوم النفي الذي في "غير"، وذلك المعنى الذي دل عليه المفهوم حين قلتَ: بطويل لا قصير.
وأمَّا إذا كانا اسمين مُعَرَّفَين نحو:"مررت بزيد لا عَمْرو"، فجائز هنا دخول غير، لجمودِ الاسم العلم، فإنه ليس له مفهوم خطاب (ظ/٦٠ ب) عند الأصوليين (٣)، بخلاف الأسماء المشتقة وما جرى مجراها، كرجل، فإنه: بمنزلة قولك: ذكر، ولذلك دلَّ بمفهومه على انتفاء (٤) الخبر عن المرأة، ويجوز أيضًا:"مررتُ بزيد لا عَمْرو"؛
(١) "فمتى رأيت حرفًا من حروف العطف" سقط من (ق). (٢) سقطت من (ظ ود). (٣) في "النتائج": "إلا الصيرفي من الشافعية". (٤) في الأصول، ونسخ "النتائج": "انتقال" واستظهر محققه ما أثبتُّه.