وليسا بمبنيين، وهذه العلة أحسن من علة النحاة أن "أمس" بُنِيَ لتضمنه معنى اللام، وأصله الأمس.
قالوا: لأنهم يقولون: "أمسِ الدابر" فيصفونه بذي اللام، فدلّ على أنَّه معرفة، ولا يمكن أن يكون معرفة إلا بتقدير اللام، وهذا أولاً منقوض بقولهم:"غداً الآتي"، فيلزم على طرد علتهم أن يبنوا "غداً".
وأيضاً: فإن "أمس" جرى مجرى الأَعلام، وهو -والله أعلم- بمنزلة:"إصْمِت""وأطْرِقا"(١) مما جاء منها بلفظ الأمر اسم علم لمكان، يقول الرجل لصاحبه فيه:"اصمت" إذا [جاوره]، فـ"اصمت" في المكان كـ"أمس" في الزمان، ولعله (٢) أُخِذَ من قولهم (ظ/٢٤ ب): "أمس بخير" و"أمس معنا" ونحوه، ولا يقال: كيف يدعى فيه العلمية مع شِياعه (٣) لأنا نقول: علميته ليست كعلمية "زيد" و"عمرو" بل كعلمية "أسامة" و"ذؤالة"، و"برة" و"فجار"(ق/٣٣ ب) وبابه مما جعل الجنس فيه بمنزلة الشخص في العلم الشخصي.
فإن قيل: فما الفرق بينه وبين (٤) اسم الجنس إذاً؟.
قيل: هذا مما أعضلَ على كثيرٍ من النُّحاة حتى جعلوا الفرق بينهما لفظيّاً فقط، وقالوا: يظهر تأثيره في منع (٥) الصرف، ووصفه بالمعرفة، وانتصاب الحال عنه، ونحو ذلك، ولم يهتدوا لسرِّ الفرق
(١) اسما علم لمواضع، انظر "معجم البلدان": (١/ ٢١٢، ٢١٨). (٢) (ق): "وأصله". (٣) كذا بالأصول. (٤) (ظ): "وهو" و (د) ساقطة. (٥) (ق): "معنى".