أمرًا متجدِّدًا، وهو إما الاستدامَةُ، وإما تكميلُ المأمورِ به نحو:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[النساء: ١٣٦].
وأما الماضي: فَيُصْرَفُ إلى الاستقبالِ بعد أدواتِ الشَّرْطِ (ق/٣٨٨ أ) في (١) الوعدِ والإنشاءِ ونحوه، لا في الخبر، كقوله تعالى:{إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ}[يوسف: ٢٦]{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ}[يوسف: ٢٧]، وكقوله:{إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}[المائدة: ١١٦] وكقول النبي -صَلى الله علَيه وسلم- لعائشة:"إنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِليْهِ"(٢)، ونظائرُه كثيرةٌ جدًّا.
ولا يخفى فسادُ تأويلِ ذلك: بأن المعنى إن يثْبُتْ في المستقبل وقوعُ ذلك في الماضي! أفترى الحسيح يقولُ لربِّهِ: إد يثبتْ في المستقبلِ أني قلتُهُ في الماضي فقد علمْتَهُ، وهل هذا إلَّا فاسدٌ من الكلامِ ممتنعٌ من العاقلِ إطلاقُهُ، وكذلك قولُ النبيِّ -صَلى الله علَيه وسلم- لعائشةَ إنما أرادَ: إن كان وُجِدَ فيما مضى ذنبٌ فتداركيهِ بالتَّوْبَةِ.
وأما ما يصيرُ به الماضي مستقبلًا فكقولِكَ:"إنْ أقَمْتَ (٣) أَكْرَمْتُكَ وإنْ زُرْتَنِي أَحْسَنْتُ إِليْكَ" فهذا ماضي اللَّفظِ مستقبلُ المعنى، وللنُّحاة هاهنا مسلكانِ:
أحدهما: أن التغيير وقَعَ في لفظ الفعل، وكان الموضِعُ للمستقبَلِ، فَغُيِّرَ إلى لفظ الماضي، والأداة هي التي تَصَرَّفَتْ في تغييره، وهذا (ظ/٢٦٧ أ) اختيارُ أبي العباس المُبَرِّد.
(١) (ق): "وفي". (٢) قطعة من حديث الإفك الطويل، أخرجه البخاري رقم (٢٥٩٣)، ومسلم رقم (٢٧٧٠). (٣) (ق): "قمت".