وجوَّز أبو عُبَيْدَةَ (٢) أن يكونَ بمعنى الكلِّ، كما جوَّزَ ذلك في الأكثر، فالأوَّلُ كقوله:{يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ}[غافر: ٢٨]، والثاني كقوله:{وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ}: [الشعراء: ٢٢٣]،، ولا دليلَ له في ذلك؛ لأن قوله:{بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} من خطاب التلطُّف والقول اللَّيِّن، وأما:{وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} فلا يمنع أن يكون فيهم من يصدقُ في كثير من أقوالِه (٣).
إذا عرف هذا فقالت طائفةٌ: "البعضُ" للجزء القليلِ والكثيرِ والمساوي، وفي هذا نظرٌ؛ إذ إطلاق لفظِ "بعض العشرة" على التسعة منها يحتاجُ إلى نقلٍ واستعمال، والظاهرُ: أنه قريبٌ من البضْع معنىً، كما هو قريبٌ منه لفظًا، وليس في عرفِ اللغة والتَّخاطب إَذا قال: "خذ بعض هذه الصبرة" أن يأخذها كُلَّها إلَّا حفنةً منها، ولا لمن يجيئُك في أيامِ الشهر كلِّها إلّا يومًا واحدًا: "هو يجيءُ في بعض أيام الشهر".
* قال أحمدُ في: رواية حنبل: حديثُ عائشةَ رضي الله عنها: "لا طَلاقَ ولا عَتَاقَ فِي إِغْلاقٍ" (٤) يريد: الغضبَ (٥).
(١) انظر "لسان العرب":. (٧/ ١١٩). (٢) في "مجار القرآن": (٢/ ٢٠٥)، وانظر: "الجامع لأحكام القرآن": (١٥/ ٢٠٠ - ٢٠١)، و "اللسان": (٧/ ١١٩). (٣) (ق وظ): "أحواله". (٤) أخرجه أحمد: (٦/ ٢٧٦)، وأبو داود رقم (٢١٩٣)، وابن ماجه رقم (٢٠٤٦)، والحاكم: (٢/ ١٩٨)، والبيهقي: (٧/ ٣٥٧) وغيرهم. وصححه الحاكم. (٥) انظر: "طلاق الغضبان": (ص/٢٧ - ٢٨)، و"زاد المعاد": (٣/ ٥٩٩)، و"إعلام الموقعين": (٢/ ١٧٥، ٣/ ٥٢).