القول السادس: تجوز التفدية بالأبوين الكافرين دون المسلمين: قال به الخطابي (٢) وأبو بكر بن العربي والسهيلي (٣).
الدليل الأول: قول النبي ﷺ لسعد بن أبي وقاص ﵁: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي».
الدليل الثاني: قول النبي ﷺ للزبير ﵁: «فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي».
وجه الاستدلال: فدَّى النبي ﷺ بأبويه لأنَّهما كافرين.
الرد: تقدم تفدية الصحابة ﵃ النبي ﷺ بآبائهم وأمهاتهم وبعضهم مسلمون وكذلك فدَّى بعض الصحابة ﵃ بعض التابعين وفدى بعض التابعين بعض الصحابة ﵃ بآبائهم وأمهاتهم من غير نكير.
الدليل الثالث: لأنّه كالعقوق للأبوين.
الرد من وجوه:
الأول: عقوق الأبوين محرم مطلقًا سواء كانا مسلمين أو كافرين فعلى هذا التعليل تحرم التفدية بالأبوين مطلقًا ولم أقف على أحد قال بذلك.
الثاني: التفدية نقلت بالعرف عن وضعها الأول وصارت علامة على الرضا والمحبة وكأنَّه قال أفعل كذا مغبوطًا مرضيًا عنك (٤).
الثالث: ليس المراد حقيقة الفداء وإنَّما إيناس المخاطب وبيان منزلته (٥).
(١) قال النووي في الأذكار ص: (٤٥٩) كره ذلك بعض العلماء إذا كانا مسلمين. وانظر: غذاء الألباب (١/ ٢٩٧). (٢) قال في أعلام الحديث (٢/ ١٣٩٧) جاز ذلك، لأنَّ والديه ماتا كافرين، وسعد رجل مسلم، ينصر الدين، ويقاتل الكفار، فتفديته بكل كافر جائز غير محظور. (٣) قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (٤/ ٢٤٥) قال السهيلي وفقه هذا الحديث أنَّ هذا الكلام جائز لمن كان أبواه غير مؤمنين، وأمّا إذا كانا مؤمنين فلا، لأنّه كالعقوق لهما، كذلك سمعت شيخنا أبابكر بن العربيّ. (٤) انظر: بدائع الفوائد (٣/ ٢١٢). (٥) انظر: شرح النووي على مسلم (١٥/ ٢٦٢) والتوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٧/ ٦٢٦).