القول الثالث: لا يُحد وقتُ القضاء: وهو مذهب الشافعية (١) وقول لبعض المالكية (٢) ومذهب الحنابلة (٣).
الدليل الأول: في حديث أم سلمة ﵂ في صلاته ﷺ ركعتين بعد العصر فقال لها: «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ».
وجه الاستدلال: قضى النبي ﷺ راتبة الظهر البعدية بعد دخول وقت العصر فراتبة الفجر تقضى متى ما زال العذر من ليل أو نهار.
الدليل الثاني: عن يزيد بن الأسود ﵁ شهدت مع رسول الله ﷺ حجته، قال: فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر المسجد لم يصليا معه، فقال:«عَلَيَّ بِهِمَا» فأتي بهما تَرْعَد فَرَائِصهما، قال:«مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟» قالا: يا رسول الله كنا قد صلينا في رحالنا. قال:«فَلا تَفْعَلا إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ».
(١) قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (١/ ٢٦٨) (ولو فات النفل المؤقت) كالعيد، والضحى، والرواتب (ندب قضاؤه) أبدًا (في الأظهر). وانظر: العزيز (٢/ ١٣٨) والمجموع (٤/ ٤٢) ومغني المحتاج (١/ ٣١٥). (٢) قال أبو البقاء السلمي في الشامل (١/ ١٤٩) فإن فاتتاه صلى ركعتين على المشهور من حل النفل للزوال لا بعده، ولا في ليل ونهار خلافًا لأشهب. وانظر: مواهب الجليل (٢/ ٣٩٣) وحاشية العدوي على شرح الخرشي (٢/ ١٣٨) والدر الثمين والمورد المعين ص: (٣٢٧). (٣) قال ابن مفلح الحفيد في المبدع (١/ ٣٥٦) إذا قلَّت الفوائت قضاها بسننها، وإن كثرت فالأولى الاقتصار على الفرض لفعله ﷺ يوم الخندق، واستثنى أحمد سنة الفجر، وقال: لا يهملها. وانظر: الفروع (١/ ٣٠٧) والإنصاف (١/ ٤٤٣) وكشاف القناع (١/ ٢٦١). تنبيهان: الأول: مذهب الحنابلة لا تقضى ذوات الأسباب وقت النهي وتقدم. الثاني: المحفوظ في قصة الخندق أنَّ الفائتة صلاة العصر ففي حديث جابر ﵁ في مسلم (٦٣١) «فنزلنا إلى بطحان، فتوضأ رسول الله ﷺ وتوضأنا، فصلى رسول الله ﷺ العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب». وعلى أصح القولين بأنَّ للعصر راتبة لم يقضها النبي ﷺ لأنَّه كان في حال مدافعة عدو أو قبل شرعيتها والله أعلم.