الأول: ذكر هذه الرواية القاضي عياض والنووي ولم يذكرا من رواها ولم أقف عليها مسندة.
الثاني: تقدم قول الدارمي: من الناس من يقول أسلم: استسلم، يقول: ذل. فالدارمي لم يجعلها من كلام النبي ﷺ فيحتمل أنَّه حصل لبس عند من ذكرها رواية مسندة والله أعلم.
الدليل الثالث: عن أبي هريرة،﵁ عن النبي ﷺ قال:«إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أو كلمة نحوها - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي»(١).
وجه الاستدلال: استسلام شيطان الجن للنبي ﷺ له نظائر فلفظ «أسلم» المحتمل يحمل على الاستسلام لتعذر حمله على الدخول في الإسلام.
الرد من وجهين:
الوجه الأول: تقدم.
الوجه الثاني: على القول بأنَّ أسلمُ أفعل تفضيل فيكون استسلام القرين نسبيًا لا مطلقًا.
تنبيه: ليس هناك كبير فرق بين القول الأول والثاني فالقرين باقٍ على كفره.
القول الثالث: أسلمَ من الإسلام: ذكر الخطابي أنَّه قول عامة الرواة إلا ابن عيينة (٢)
(١) رواه البخاري (٤٦١) ومسلم (٥٤١). (٢) قال في غريب الحديث (٣/ ٢٥٣) عامة الرواة يقولون: فأسلم على مذهب الفعل الماضي، يريدون أنَّ الشيطان قد أسلم إلا سفيان بن عيينة، فإنَّه يقول: فأسلم: أي أسلمُ من شره، وكان يقول: الشيطان لا يسلم.