وقال أيضا ممليا بدمشق سنة إحدى وعشرين على قوله تعالى:{إن كان قميصه قد من قبل فصدقت}(١). وكذلك قوله تعالى:{إن كنت قلته فقد علمته}(٢). وكذلك قول الشاعر:
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا ... جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم (٣)
الصحيح أن (إن) الشرطية إذا دخلت على الماضي قلبته مستقبلا. فأما قوله:(إن كان قميصه)، فلأن (كان) بمعنى: ثبت، فكأنه قيل: إن ثبت أن قميصه. وثبوت الشيء لا يلزم منه ألا يكون قبل ذلك ثابتا، فهي على بابها في الاستقبال، لأن المعنى: إن يثبت هذا في المستقبل فهي صادقة. وبهذا التأويل أول قوله: إن أذنا قتيبة حزتا، على أن القدير: إن كانت أذنا قتيبة حزتا. وقد ثبت حذف "كان" الناقصة مع الشرط كثيرا، كقولهم: إن خيرا فخير وإن شرا فشر، ونظائره كثيرة. وأما إن جعلت إن بمعنى إذ (٤) فلا تحتاج إلى جوب.
(١) يوسف: ٢٦. (٢) المائدة: ١١٦. (٣) البيت من الطويل وهو للفرزدق. انظر شرح ديوانه ص ٨٥٥ (تعليق عبد الله الصاوي). وهو من شواهد سيبويه ٣/ ١٦١، والكامل ١/ ٢٨٤، والرضى ٢/ ٢٦٤، ومعنى اللبيب ١/ ٢٢ (دمشق). وقتيبة: هو قتيبة بن مسلم الباهلي، وابن خازم: هو عبد الله بن خازم أمير خراسان من قبل عبد الله بن الزبير. والشاهد فيه كسر همزة "إن" وحملها على معنى الشرط. (٤) قال ابن هشام: "وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى إذ". المغنى ١/ ٢٢ (دمشق).