أميا لذلك. ألا ترى إلى قوله:{وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون}(١). ولذلك قال في عقيب هذه الآية:{ويحق القول على الكافرين}(٢). لأنه إذا انتفت الريب لم يبق إلا المعاندة فيحق القول عليهم حينئذ (٣). والله أعلم بالصواب.
[إملاء ١١٥]
[معنى السلسبيل في قوله تعالى:{عينا فيها تسمى سلسبيلاً}]
وقال أيضاً مملياً بدمشق سنة أربع وعشرين على قوله تعالى:{عينا فيها تسمى سلسبيلاً}(٤):
السلسبيل في اللغة وصف للمبالغة في السلسال (٥). فيجوز أن يكون ههنا على بابه في الوصفية، كأن المعنى يوصف بذلك، كما تقول: زيد يسمى الشجاع، أي: يوصف به. وإنما لم يقل هنا: عيناً سلسبيلاً، لينبه على شهرته لهذا الوصف.
ويجوز أن يكون علماً منقولاً عنه (٦)، وصرف لأنه اسم لماء، مراعاة
(١) العنكبوت: ٤٨. (٢) يس: ٧٠. (٣) قال الزمخشري: "وما ينبغي له: وما يصح له ولا يتطلب لو طلبه. أي: جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له ولم يتسهل". الكشاف ٣/ ٣٢٩. (٤) الإنسان: ١٨. (٥) قال ابن منظور: "السلسبيل: السهل المدخل في الحلق. ويقال شراب سلسل وسلسال وسلسبيل". اللسان (سلسل). (٦) قال ابن قتيبة: "السلسبيل اسم العين". انظر تفسير غريب القرآن ص ٥٠٣ (تحقيق السيد أحمد صقر). ونقل ابن منظور هذا القول عن الزجاج. اللسان (سلسل). واستبعد الفراء ذلك. معاني القرآن ٣/ ٢١٧.