[إعراب قوله تعالى:{وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}]
وقال أيضاً مملياً بالقاهرة سنة ثلاث عشرة على قوله تعالى:{وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون}(١):
في (٢) إعرابها أوجه: أحدها: (أنهم) مبتدأ، و (حرام) خبر مقدم واجب تقديمه لما تقرر في النحو من أن خبر "أن" لا بد أن يكون مقدما (٣). وهذا إن جعلت فيه (لا) نافية سد المعنى، إذ يصير التقدير: انتفاء رجوعهم ممتنع، فيؤدي إلى معنى الإثبات، إذ نفي النفي إثبات قطعاً. وإن جعلت (لا) زائدة استقام، ومنهم من كره زيادة لا. و (حرام) خبر مبتدأ مقدر تقديره: وهو أو ذاك حرام، يعني ما تقدم من العمل الصالح المدلول عليه قوله:{فمن يعمل من الصالحات}(٤)، ويكون (أنهم لا يرجعون) تعليلاً لقوله: وذاك حرام، كأنه قيل: لم كان ممتنعاً؟ فقيل: لأنهم لا يرجعون. وقد يضعف هذا الوجه بأنه معلوم امتناع العمل على الهالك، فهو إخبار بما قد تحقق وعلم. ويجاب عنه (٥): بأن المراد امتناع دخولهم الجنة، وكنى عنه بامتناع العمل الصالح وهو السبب، فكأنه ترك ذكر المسبب وذكر السبب، فكأنه قيل: ممتنع دخولهم
(١) الأنبياء: ٩٥. (٢) في: سقطت من س. (٣) قول ابن الحاجب: "من أن خبر أن لابد أن يكون مقدماً" فيه إبهام. وكان عليه أن يقول: من أن خبر أن وصلتها لابد أن يكون مقدماً، حتى لا يقع لبس. والمبتدأ إذا كان أن وصلتها فالخبر يكون مقدماً وجوباً كقولك: عندي أنك فاضل، إلا إذا وقع بعد أما فيكون تأخير الخبر جائزاً كقول الشاعر: عندي اصطبار وأما أنني جزع ... يوم النوى فلو جد كاد يبريني ...
انظر مغني اللبيب ١/ ٢٧٩ (دمشق). وأوضح المسالك ١/ ٢١٣. (٤) الأنبياء: ٩٤. (٥) عنه: سقطت من ب.