﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا﴾؛ وقد بيَّنَّا لكم أن المَلِكَ من مَلَكَ هواه، والعبد من هو في رِقِّ شهواته وأَسْرِ لذَّاته (١).
وقيل: ﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا﴾: لم يُحوجكم إلى أمثالكم، ولم يَحْبِسْكُمْ عنه بأشغالكم، وسهَّل سبيلكم إليه في عموم أحوالكم (٢)، وهي: الثالثة.
الرَّابعة: أنه قال: ﴿وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ﴾؛ إذا نظرتم كل ما آتاهم فأضعافَه آتاكم.
ومن ذلك قوله: ﴿ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ﴾ [المائدة: ٢١]، وهي: الخامسة.
فإن كان أورثهم الأرض المقدَّسة ومصر؛ فقد أَوْرَثَنا الأرضَ كلَّها، فقال: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٥]، فعَلِمَ الله وقدَّر وأراد، وتكلَّم وكتب (٣).
وأمَّا الكتابة فهو الغني عنها، وله الحكمة البالغة فيها، وكلُّ ذلك علَّمه بفضله لنا، وأَلْقَى أُنْمُوذَجًا منه عندنا، وخصَّ هذه الأمة بالأرض، وقال النبي ﷺ:"زُوِيَتْ لي الأرض فأُرِيتُ مشارقها ومغاربها، وسيبلغ مُلْكُ أمَّتي ما زُوِيَ لي منها"(٤).