ونَقَل في قَوله تَعالى:(لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)[ق: ٣٥] قَوْل أنس وجابر: الْمَزِيد النَّظَر إلى وَجْه الله تَعالى بِلا كَيف. وقد وَرَد ذَلك في أخْبَار مَرْفُوعَة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قَولِه تَعَالى:(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) قال: الزِّيَادَة النَّظَر إلى وَجْه الله الكَرِيم.
ثم أوْرَد مَا جَاء عن ابن مسعود قال: تَسَارَعُوا إلى الْجُمُعَة فإنَّ الله تَبَارَك وتَعَالى يَبْرُز لأهْل الْجَنَّة كُلّ يَوْم جُمُعَة في كَثِيب مِنْ كَافُور أبْيَض فَيَكُونُون مِنه في القُرْب.
قال ابن المبارك: على قَدْر تَسَارُعِهم إلى الْجُمُعَة في الدُّنيا. وقال يحيى بن سَلَّام: لِمُسَارَعَتِهم إلى الْجُمَع في الدُّنيا (٢).
وفي آيَة "المطففين" نَقَل عن الزجاج قَوله: في هَذه الآيَة دَلِيل على أنَّ الله عَزّ وَجَلّ يُرَى في القِيَامَة، ولولا ذلك مَا كَان في هَذه الآيَة فَائدَة، ولا خَسَّت (٣) مَنْزِلَة الكُفَّار بِأنَّهُم يُحْجَبُون. وقَال جَلَّ ثَنَاؤه:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)، فأَعْلَمَ اللهُ جَلّ ثَنَاؤه أنَّ الْمُؤمِنِين يَنْظُرُون إليه، وأَعْلَمَ أنَّ الكُفَّار مَحْجُوبُون عنه. وقال مَالك بن أنس في هَذه الآيَة: لَمَّا حَجَب أعْدَاءَه فَلَم يَرَوه تَجَلَّى لأوْلِيائه حَتى رَأَوه. وقال
(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٨/ ٢٩٧، ٢٩٨). (٢) المرجع السابق (١٧/ ٢٢)، وأكد ذلك في تفسير سورة الجمعة (١٨/ ١٠٦، ١٠٧). (٣) يعني أصبحت خسيسة، وفي اللسان (٦/ ٦٤): وخس الشيء يخس ويخس خسة وخساسة فهو خسيس.