وقِيل: إنهم يُحْشَرون على الصِّفَة التي وَصَفهم الله بِها لِيَكُون ذَلك زِيَادة في عذابهم، ثم يَخْلُق ذَلك لَهم في النَّار، فأبْصَرُوا، لِقَولِه تَعالى:(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَوَاقِعُوهَا)[الكهف: ٥٣]، وتَكَلَّمُوا، لِقَوْلِه تَعَالى:(دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا)[الفرقان: ١٣]، وسَمِعُوا، لِقَوْلِه تَعَالى:(سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا)[الفرقان: ١٢].
وقال مقاتل بن سليمان: إذا قِيل لَهم: (اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونَ)[المؤمنون: ١٠٨] صَارُوا عُمْيًا لا يُبْصِرُون، صُمًّا لا يَسْمَعُون، بُكْمًا لا يَفْقَهون.
وفي آيَة "الفرقان"[٣٤] أحَال على مَا قَرَّرَه في آية "الإسراء"(٢).
ونَقَل في قَوله تَعالى:(سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) عن الكَلبي قَوْلَه: سَمِعُوا لَها تَغَيّظًا كَتَغَيّظ بَني آدَم، وصَوْتًا كَصَوت الْحِمَار.
قال: وقِيل: فيه تَقْدِيم وتَأخِير: سَمِعُوا لَها زَفِيرًا، وعَلِمُوا لَها تَغَيّظًا.
وقال قُطْرب: التَّغَيُّظ لا يُسْمَع ولَكِن يُرَى (٣).
والْمَعْنَى: رَأَوا لها تَغَيُّظًا، وسَمِعُوا لَها زَفيرا (٤).
وفي آية "الكهف" قال القرطبي: وفي الْخَبَر (٥): إنَّ الكَافِر لَيَرى جَهَنَّم ويَظُنّ أنّها مُواقِعَته مِنْ مَسِيرَة أرْبَعِين سَنَة (٦).
(١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٠/ ٢٩٠، ٢٩١). (٢) المرجع السابق (١٣/ ٣١). (٣) قال ابن جرير، ((جامع البيان)) (١٧/ ٤٠٩): فإن قال قائل: وكيف قيل: (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا) والتغيظ لا يسمع؟ قيل: معنى ذلك سمعوا لها صوت التغيظ من التلهب والتوقد. وفي اللسان (٧/ ٤٥١): وقوله تعالى: (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا) قال الزجاج: أراد غليان تغيظ، أي: صوت غليان. (٤) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١٣/ ١١). (٥) رُوي مرفوعًا، وسيأتي تخريجه. (٦) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١١/ ٧).