وفي آيَة "السجدة" قال ابن جرير: يَقُول: لَم يَأتِ هَؤلاء القَوْم الذين أَرْسَلَك رَبُّك يَا محمد إلَيهم - وهُم قَوْمه مِنْ قُريش - نَذير يُنْذِرُهم بَأس الله على كُفْرِهم - قَبْلَك (٢).
ومَعْنَى (حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) - عند ابن الجوزي - أي: حتى نُبَيِّن مَا به نُعَذِّب، ومَا مِنْ أجْلِه نُدْخِل الْجَنَّة.
ثم عَقَد فَصْلًا قَال فيه:
قال القاضي أبو يعلى: في هذا دَلِيل على أنَّ مَعْرِفة الله لا تَجِب عَقْلًا (٣)، وإنَّمَا تَجِب بالشَّرْع، وهو بِعْثَة الرُّسُل، وأنه لَو مَات الإنْسَان قَبْل ذَلك لَم يُقْطَع عليه بِالنَّار.
قَال: وقِيل: مَعْنَاه أنه لا يُعَذِّب في مَا طَرِيقُه السَّمْع إلَّا بِقِيام حُجَّة السَّمْع مِنْ جِهَة الرَّسُول (٤).
وقال في آيَة "النساء": أي: لِئلا يَحْتَجُّوا في تَرْك التَّوْحِيد والطَّاعَة بِعَدَم الرُّسُل، لأنَّ هَذه الأشْيَاء إنَّمَا تَجِب بِالرُّسُل (٥).
(١) جامع البيان، مرجع سابق (١٨/ ٢٦٣). (٢) المرجع السابق (١٨/ ٥٩٠). (٣) في إطلاقه نظر، وذلك أن معرفة الله مغروسة في الفطر، وذلك العهد والميثاق الذي أخذه الله على بني آدم، وهو الفطرة التي فطر الناس عليها. (٤) زاد المسير، مرجع سابق (٥/ ١٨). (٥) المرجع السابق (٢/ ٢٥٦).