(ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا) يَقُول: ثم أصْلَيْنَاه عند مَقْدَمِه عَلينا في الآخِرَة جَهَنَّم (مَذْمُومًا) على قِلَّة شُكْرِه إيَّانا، وسُوء صَنِيعِه فِيمَا سَلَف مِنْ أيَادِينا عِنْدَه في الدُّنيا (مَدْحُورًا) يَقُول: مُبْعَدًا مُقْصًى في النَّار (١).
فَابْنُ جرير قد فَسَّر كُلّ آيَة في سِيَاقِها، ولم يَتَطَرَّق إلى مَا يُتَوهَّم مِنْ تَعَارُض.
ومَعنى آية "آل عمران" عند ابن الجوزي: (وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا) أي: مَنْ قَصَد بِعَمَلِه الدنيا أُعْطِي منها، قَلِيلًا كَان أوْ كَثِيرًا، ومَن قَصَد الآخِرة بِعَمَلِه أُعْطِي منها ونَقَل عن مُقاتل قوله: عُني بالآية مَنْ ثَبَت يوم أُحُد ومَن طَلَب الغَنِيمَة (٢).
وفي آيَة "هود" ذَكَر الْخِلاف في سَبَب نُزُولِها، فَقَال: اخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ على أرْبَعَة أقْوَال:
أحَدُها: أنَّهَا عَامَّة في جَمِيع الْخَلْق، وهو قَول الأكْثَرِين.
والثَّاني: أنَّهَا في أهْلِ القِبْلَة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثَّالث: أنَّهَا في اليَهُود والنَّصَارَى، قاله أنس.
والرَّابع: أنها في أهْلِ الرّياء، قاله مجاهد.
وَرَوَى عطاء عن ابن عباس: مَنْ كان يُرِيد عَاجِل الدُّنيا ولا يُؤمِن بِالبَعْثِ والْجَزَاء وقال غَيره: إنَّمَا هي في الكَافِر؛ لأنَّ الْمُؤمِن يُرِيد الدُّنيا والآخِرَة.
ثم قال:
قَوله تعَالى:(نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ) أي: أجُور أعْمَالهم. (فِيهَا) قال سعيد بن جبير: أُعْطُوا ثَواب ما عَمِلُوا مِنْ خَيرٍ في الدنيا.
(١) المرجع السابق (١٤/ ٥٣٥، ٥٣٦). (٢) زاد المسير، مرجع سابق (١/ ٤٧٠).