فابْنُ كَثيرٍ في هذا الْمَوْضِع حَشَد مِنْ الآيَات مَا يَسْتَدِلّ بِه على القَوْل الذي اخْتَارَه وفي تَفْسِير آيَات "الأحقاف" قَال في قَوله تَعالى: (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ): أي: رَجَعُوا إلى قَوْمِهم فَأَنْذَرُوهم مَا سَمِعُوه مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، كَقَولِه جَلَّ وعَلا:(لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[التوبة: ١٢٢]، وقد اسْتُدِلّ بِهَذِه الآيَة على أنَّه في الْجِنّ نُذُر، ولَيس فِيهم رُسُل، ولا شَكَّ أنَّ الْجِنّ لَم يَبْعَث الله تَعالى مِنهم رَسُولًا (٢).
ثم أوْرَد الآيَات التي أوْرَدها في تَفْسِير آيَة الأنعام مُسْتَدِلًّا بِهَا على ذلك، ثم قَال:(قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى): ولم يَذْكُرُوا عِيسى؛ لأنَّ عِيسى عليه
(١) تفسير القرآن العظيم، مرجع سابق (٦/ ١٧٥، ١٧٦). (٢) المرجع السابق (١٣/ ٥٣).