وفي قَوله تعالى:(قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ)[الحجر: ٤١] قال الزمخشري: أي (هَذَا) طَرِيق حَقّ (عَلَيّ) أن أُرَاعِيه، وهو ألا يَكُون لك سُلْطَان على عِبَادِي إلَّا مَنْ اخْتَار اتِّبَاعَك مِنهم لِغِوايَتِه (١).
ومَعْنَى السُّلْطَان عِنده: الوِلاية، فَقَوله تَعالى:(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ)[النحل: ٩٩] أي: تَسَلُّط ووِلايَة على أوْلِيَاء الله، يَعْنِي: أنّهم لا يَقْبَلُون مِنه، ولا يُطِيعُونَه فِيما يُرِيد مِنهم مِنْ اتِّباع خُطُوَاته (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ) على مَنْ يَتولَّاه ويُطِيعُه (٢).
وخَصّ الصَّالِحِين بِالْمُرَاد بِـ (عِبَادِي) في آية "الإسراء" فَقَال: (إِنَّ عِبَادِي) يُرِيد الصَّالِحِين (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) أي: لا تَقْدِر أن تُغْويَهم. (وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) لهم يَتَوَكَّلُون به في الاسْتعَاذة منك، ونَحوه قَوله:(إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)[الحجر: ٤٠].
فإن قُلت: كَيف جَاز أن يَأمُر الله إبْلِيس بأن يَتَسَلَّط على عِبَادِه مُغْويًا مُضِلًّا، دَاعِيًا إلى الشَّر، صَادًّا عن الْخَير؟
(١) الكشاف، مرجع سابق ص (٥٦١). (٢) المرجع السابق (ص ٥٨٤). (٣) وهو أمْرٌ قدري كوني. (٤) الكشاف، مرجع سابق (ص ٦٠٢) وسبقه السمعاني إلى هذا الجواب، وقد تقدم. (٥) المرجع السابق (ص ٨٧٢).