وذلك أنَّ إبْلِيس قَدْ قَال:(فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [ص: ٨٢، ٨٣]، فَكان ذلك ظَنًّا مِنه، فَصَدَق ظَنَّه (فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا) يَعْنِي طَائفَة (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وهم الذِين قَال الله تَعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ). وقال سعيد بن جبير: كان ظَنّه أنه قَال: أنا نَارِيّ وآدَم طِينِيّ، والنَّار تَأكُل الطِّين!
وكذا رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه (٣).
وفَسَّر السمعاني السُّلْطَان بالوِلايَة، فَقَال في تَفْسِير آيَة "النحل": (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا) أي: لَيْس لَه وِلايَة عَلى الذين آمَنُوا. وقَوله:(وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يُقَال: مَعْنَاه: أنه لا يَقْدِر على إيقَاعِهم في ذَنْب لَيس لَهم مِنه تَوبَة. وقِيل: إنه لا يَقْدِر على إدْخَالِهم في الشِّرك وإغْوائهم.