وذَكَر الثعلبي مِنْ أسْبَاب النُّزُول:
١ - مَا جَاء عن الحارث بن سُويد - مِمَّا تَقَدَّم -.
٢ - مَا جَاء عن مُجاهِد أنّها نَزَلَتْ في رَجل من بني عمرو بن عوف كَفَر بَعْد إيمانِه، ولَحِق بالرُّوم فَتَنَصّر.
٣ - مَا قَالَه الحسن وقَتادة وعطاء الخراساني: نَزَلَتْ في اليَهُود، كَفَرُوا بِعِيسَى عليه السَّلام والإنْجِيل بَعْد إيمانِهم بِأنْبِيائهم وكُتُبهم، ثم ازْدَادُوا كُفْرا بِكُفْرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقُرْآن.
٤ - قولَ أبي العالية: نَزَلَتْ في اليَهُود والنَّصَارَى، كَفَرُوا بمحمد صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَأوه وعَرَفُوه بَعد إيمانهم بِنَعْتِه وصِفَتِه في كُتُبهم، ثم ازْدَادُوا ذُنُوبًا في حَال كُفْرِهم.
٥ - وقَول مجاهد (١): نَزَلَتْ في الكُفَّار كُلّهم أشْرَكُوا بَعْد إقْرَارِهم بِأنَّ الله خَالِقَهم، ثم ازْدَادُوا كُفْرًا، أي: أقَامُوا على كُفْرِهم حتى هَلَكُوا عليه.
ونَقَل عن الْحسن قَوله: كُلَّما نَزَلَتْ عليهم آيَة كَفَرُوا بِها فازْدَادُوا كُفْرًا.
وعن قطرب قَوله: كَما ازْدَادُوا كُفْرًا بِقَولِهم: نَتَرَبّص بِمُحَمّد رَيب الْمَنُون.
ثم أشَار الثعلبي إلى إشْكَال قَدْ يَرِد على بَعض الأذْهَان، فَقَال: فإن قِيل: فَمَا مَعْنَى قَوله تَعالى: (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)، وقد سَبَقَتْ حِكْمَة الله تَعالى في قَبُول تَوْبَة مَنْ تَاب؟ قُلنا: اخْتَلَفَ العُلَمَاء فِيه:
فَقَال بَعْضَهم: لن يَقْبَل تَوْبَتهم عِند الغَرْغَرَة والْحَشْرَجَة. قال الحسن وقتادة وعطاء: لن يَقْبَل تَوبَتهم لأنّهم لا يُؤمِنون إلَّا عند حُضُور الْمَوْت. قَال الله تَعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) [النساء: ١٨] الآيَة.
مجاهد: لن يَقبل تَوبَتهم بَعْد الْمَوْت إذا مَاتُوا على الكُفْر.
ابن عباس وأبو العالية: لن يَقْبَل تَوبَتهم مَا أقَامُوا على كُفْرِهم (٢).
(١) هو قول ثانٍ له.
(٢) الكشف والبيان، مرجع سابق (٣/ ١٠٨، ١٠٩) باختصار.