وقيل: نَزَلَتْ في قَوْم كَانوا في سَفَر على عَهْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم في لَيْلَة ظَلْمَاء ....
واسْتَحْسَن قَول مَنْ قَال: إنها نَزَلَتْ في الصَّلاة على الرَّاحِلَة، فَقَال: وقَول مَنْ قَال: إنّها نَزَلَتْ في الصَّلاة على الرَّاحِلَة؛ قَولٌ حَسَنٌ أيضًا تَعْضُده السُّنَّة في ذَلك (١).
(فَثَمَّ وَجْهُ): أي جِهَته التي أمَرَ بِها ورَضِيها.
والْمَعْنَى: أنكم إذا مُنِعْتُم أن تُصَلّوا في الْمَسْجِد الْحَرَام وفي بَيْت الْمَقْدِس فَقَد جُعِلَتْ لكم الأرْض مَسْجِدًا، فَصَلّوا في أيّ بُقْعَة شِئْتُم مِنْ بِقَاعِها، وافْعَلُوا التَّولِيَة فِيها، فإنَّ التَّوْلِيَة مُمْكِنَة في كُل مَكَان، لا يَخْتَصّ إمْكَانها في مَسْجِد دُون مَسْجِد، ولا في مَكان دُون مَكان (٢).
وحَكى ابن عَطية الْخِلاف في سَبَب نُزُول قَوله تعالى:(فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) فَقَال: واخْتَلَف الْمُفَسِّرُون في سَبَب هَذه الآيَة:
فَقَال قَتادة: أبَاح الله لِنَبِيِّه صلى الله عليه وسلم بِهَذِه الآيَة أن يُصَلِّي الْمُسْلِمُون حَيْث شَاءُوا، فاخْتَار النبي صلى الله عليه وسلم بَيْت الْمَقْدِس حِينَئذٍ، ثم نُسِخَ ذلك كُلّه بِالتَّحَوّل إلى الكَعْبَة.
(١) التمهيد، ابن عبد البر (١٧/ ٧٣). (٢) الكشاف، مرجع سابق (ص ٩٣).