وقوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ)، فَأقَام الأشْهُر مَقَام الْحَيض دُون الأطْهَار، ولأنَّ الغَرَض الأصِيل في العِدَّة اسْتِبْرَاء الرَّحِم، والْحَيض هو الذي تُسْتَبْرَأ بِه الأرْحَام دُون الطُّهْر (١).
وصرّح ابن عطية بأنَّ آية "الأحزاب" خَصَّصَت آيتي "البقرة" و"الطلاق"، فقال في آية الأحزاب: (إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا):
وهذه الآية خَصَّصَتْ آيَتَين: إحْدَاهما: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) فَخَصَّصَتْ هذه الآية مَنْ لم يُدْخَل بها، وكذلك خَصَّصَت مِنْ ذَواتِ الثَّلاثة الأشْهُر، وهُنّ مَنْ قَعَدْنَ عن الْمَحِيض، ومَن لَم يَحِضْن مِنْ صِغَر (٢).
وعقد ابن الجوزي فَصْلًا قال فيه: اخْتَلَف العُلَمَاء في هذه الآية هَلْ تَدْخُل في الآيات الْمَنْسُوخَات أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنها تَدْخُل في ذلك.
والقول الثاني: أن الآية كُلّها مُحْكَمة؛ فأوَّلها عَامّ، والآيات الوَارِدَة في العِدَد خَصَّتْ ذلك مِنْ العُمُوم، وليس بِنَسْخ (٣).
وأطال الرازي النَّفس في هذه الآية، وما يَتَعَلَّق بها مِنْ أحْكَام، فكان مما قَالَه عن الْمَدْخُول بها:
(١) الكشاف، مرجع سابق (ص ١٣٢) باختصار.(٢) المحرر الوجيز، مرجع سابق (٤/ ٣٩٠).(٣) زاد المسير، مرجع سابق (١/ ٢٦٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute