وأذن للناس، فدخلوا وسلموا قياما ولم يجلس أحد، فلما خرجوا تمثل بقول الأول وهو الهذلى [١] :
وتجلّدى للشّامتين أريهمو ... أنّى لريب الدهو لا أتضعضع
وإذا المنيّة أنشبت أظفارها ... ألفيت كلّ تميمة [٢] لا تنفع
ومات فى يومه.
وكان يتمثّل- وقد احتضر [٣]-:
فهل من خالد إمّا هلكنا؟ ... وهل بالموت يا للنّاس عار؟
وروى محمد بن عبد الله بن الحكم قال: سمعت الشافعىّ رضى الله عنه يقول: لمّا ثقل معاوية كان يزيد غائبا، فكتب إليه بحاله فلمّا أتاه الرسول أنشأ يقول:
جاء البريد بقرطاس يخبّ به [٤] ... فأوجس القلب من قرطاسه فزعا
قلنا: لك الويل! ماذا فى صحيفتكم ... قال: الخليفة أمسى مثبتا [٥] وجعا
[١] هو أبو ذؤيب الهذلى يرثى بنين له ماتوا فى عام واحد بقصيدة مشهورة تجدها فى أول ديوان الهذليين، وانظر المفضلية ١٢٥ فى المفضليات وجمهرة أشعار العرب ص ٢٦٤- ٢٧٣ والاستيعاب ج ٤ ص ٦٧ والإصابة ج ٤ ص ٦٥ وشواهد العينى ج ٣ ص ٣٩٣- ٣٩٤ وخزانة الأدب ج ١ ص ٢٠٢ وحماسة البحترى ص ٩٩، ١٢٨ وأمالى القالى مع شرح البكرى فى سمط اللآلى ج ٢ ص ٢٨٨- ٢٨٩. [٢] التميمة: ما يعلقه بعض الناس على أولادهم لاتقاء العين والحسد بزعمهم. [٣] وبلغه أن قوما يفرحون بموته. [٤] القرطاس: الصحيفة. والخبب: السير السريع. [٥] المثبت: الذى لا يفارق الفراش لثقل مرضه.