على الحكمين أن يحييا ما أحيى القرآن وأن يميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف، وإن أبيا فنحن من حكمهما براء» . قالوا: فخبّرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال فى الدماء؟
فقال:«إنا لسنا حكّمنا الرجال، إنما حكمنا القرآن، وهذا القرآن إنما هو خطّ مسطور بين دفّتين، لا ينطق، إنما يتكلم به الرجال» قالوا: فأخبرنا عن الأجل لم جعلته بينكم؟ قال:«ليعلم الجاهل، ويثبت العالم، ولعلّ الله عز وجل يصلح فى هذه الهدنة هذه الأمة، ادخلوا مصركم رحمكم الله» . فدخلوا من عند آخرهم.
[ذكر خبرهم عند توجيه الحكمين]
قال [١] : لما أراد علىّ رضى الله عنه أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج، وهما زرعة بن برج الطائى وحرقوص ابن زهير السعدى، فقالا له: لا حكم إلّا لله تعالى، فقال على رضى الله عنه: لا حكم إلا لله تعالى، قال حرقوص:«تب من خطيئتك، وارجع عن قضيتك، وارجع بنا إلى عدونا نقاتلهم حتّى نلقى ربنا» .
فقال على: قد أردتكم على ذلك فعصيتمونى، وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتابا، وشرطنا شروطا، وأعطينا عليها عهودا، وقد قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ
[٢] فقال حرقوص:
ذلك ذنب ينبغى أن تتوب منه. فقال علىّ رضى الله عنه: ما هو ذنب ولكنه عجز من الرأى، وقد نهيتكم، فقال زرعة: يا على لئن لم
[١] ابن الأثير فى الكامل ج ٣ ص ١٦٩ وأصله عند ابن جرير الطبرى فى تاريخه ج ٤ ص ٥٢. [٢] من الآية ٩١ فى سورة النحل.