ابن أوفى العبسىّ فأبيا، وعرضوها على عبد الله بن وهب فقال:
«هاتوها، أما والله لا آخذها رغبة فى الدنيا، ولا أدعها فرقا من الموت» فبايعوه لعشر خلون من شوال سنة سبع وثلاثين، وكان يقال: له ذو الثفنات [١] .
ثم اجتمعوا فى منزل شريح بن أبى أوفى [٢] العبسى، فقال ابن وهب:
اشخصوا [٣] بنا إلى بلدة نجتمع فيها لإنفاذ حكم الله فإنكم أهل الحق. قال شريح:«نخرج إلى المدائن، فننزلها، ونأخذ بأبوابها، ونخرج منها سكانها، ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا» . فقال زيد بن حصن:«إنكم إن خرجتم مجتمعين تتبّعتم، ولكن اخرجوا وحدانا مستخفين، فأمّا المدائن فإن بها من يمنعكم، ولكن سيروا حتى تنزلوا من جسر [٤] النهروان، وتكاتبوا إخوانكم من أهل البصرة» . قالوا: هذا الرأى.
وكتب عبد الله بن وهب إلى من بالبصرة منهم يعلمهم ما اجتمعوا عليه، ويحثهم على اللّحاق بهم، وسير الكتاب إليهم، فأجابوا.
قال: ولما غزم من بالكوفة من الخوارج على الخروج، تعبّدوا ليلتهم- وكانت ليلة الجمعة- ويوم الجمعة، وساروا يوم السبت، فخرج شريح بن أوفى العبسى وهو يتلو قول الله تعالى:
[١] كان عبد الله بن وهب قد أثر طول السجود فى ثفناته، والثفنات: جمع ثفنة. وهى الركبة.. وهناك من غير الخوارج «ذو الثفنات» زين العابدين على بن الحسين بن على وعلى بن عبد الله بن عباس. [٢] كذا جاء فى النسخة (ك) وجاء فى النسخة (ن) : «شريح بن أوفى» . [٣] اشخصوا: اذهبوا. [٤] كذا جاء فى النسخة (ن) ، وفى (ك) : «مر» .