فى داره حتّى قتله وأصبح متّبعا بدمه، لا حاجة لى فى مبارزته. فقال له سنان: قد قلت فاستمع منّى أجبك. قال: لا حاجة لى فى جوابك، اذهب عنّى. فصاح به أصحابه، فانصرف عنه، ورجع إلى الأشتر فأخبره، فقال: لنفسه نظر. فوقفوا حتّى حجز اللّيل بينهم وعاد، الشاميّون من الليل [١] .
وأصبح علىّ رضى الله عنه غدوة عند الأشتر، وتقدّم الأشتر ومن معه [٢] فانتهى إلى معاوية، فواقفه، ولحق بهم علىّ، فتواقفوا طويلا.
ثم إنّ عليّا طلب لعسكره موضعا ينزل فيه، فكان معاوية قد سبق فنزل منزلا اختاره بسيطا واسعا أفيح [٣] ، أخذ شريعة [٤] الفرات، وليس فى ذلك الموضع شريعة غيرها، وجعل معاوية على الشّريعة أبا الأعور.
فأتى الناس عليّا، فأخبروه بفعلهم، وتعطّش الناس، فدعا صعصعة بن صوحان، فأرسله إلى معاوية يقول: «إنّا سرنا مسيرنا هذا ونحن نكره قتالكم قبل الإعذار إليكم، فقدّمت إلينا خيلك ورجالك فقاتلتنا قبل أن نقاتلك، [وبدأتنا بالقتال][٥] ونحن من رأينا الكفّ حتّى ندعوك ونحتجّ عليك، وهذه أخرى قد فعلتموها، منعتم الناس
[١] فى تاريخ ابن جرير ج ٣ ص ٥٦٦: «انصرفوا من تحت ليلتهم» . [٢] فى تلك المقدمة. [٣] كل موضع واسع يقال له «أفيح» . [٤] الشريعة: مورد الناس أو الحيوان على الماء الجارى. [٥] الزيادة من تاريخ ابن جرير ج ٣ ص ٥٦٨.