فكونوا جرثومة [١] من جراثيم العرب، فأغمدوا السّيوف، وأنصلوا [٢] الأسنّة، واقصعوا الأوتار، وآووا [٣] المظلوم والمضطهد، حتّى يلتئم هذا الأمر، وتنجلى هذه الفتنة» .
فرجع ابن عبّاس والأشتر إلى علىّ، فأخبراه الخبر.
فأرسل ابنه الحسن وعمّار بن ياسر، رضى الله عنهما، وقال لعمّار: انطلق فأصلح ما افسدت. فأقبلا حتّى دخلا مسجد الكوفة، فكان أوّل من رآهما مسروق [٤] بن الأجدع، فسلّم عليهما، وأقبل على عمّار فقال: يا أبا اليقظان علام قتلتم عثمان؟ قال: على شتم أعراضنا وضرب أبشارنا [٥] ! قال: فو الله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به ولا صبرتم فكان خيرا للصابرين [٦] !.
فخرج أبو موسى فلقى الحسن فضمّه إليه، وأقبل على عمّار قال: يا أبا اليقظان أعدوت على أمير المؤمنين فيمن عدا فأحللت نفسك مع الفجّار؟ فقال: لم أفعل ولم يسؤنى! فقطع الحسن عليهما [الكلام [٧]] ، وأقبل على أبى موسى فقال له: «لم تثبط
[١] الجرثومة: الأصل. [٢] انصلوا الأسنة: انزعوا أسنة الرماح، أى: أخرجوا الأسنة من أماكنها إبطالا للقتال. [٣] كذا جاء فى النسخة (ن) وتاريخ ابن جرير وابن الأثير، أى: ضموه إليكم. وحوطوه بينكم. وفى النسخة (ك) : «وانصروا» . [٤] كذا جاء فى تاريخ ابن جرير والقاموس والإصابه ج ٣ ص ٤٩٢ حيث ترجمته. وفى المخطوطة: «المسروق» . [٥] أبشار: جمع بشر، و «بشر» اسم جنس جمعى واحده: بشرة، وهى ظاهر الجلد. [٦] مأخوذ من قول الله تعالى: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ، وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ الآية ١٢٦ من سورة النحل. [٧] الزيادة من الكامل لابن الأثير.