هاهم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم [١] ، وثابت [٢] إليهم أعرابكم [٣] وهم خلالكم [٤] يسومونكم [٥] ما شاءوا، فهل ترون موضعا لقدرة على شىء ممّا تريدون؟» قالوا: لا. قال:«فلا والله لا أرى إلّا رأيا ترونه أبدا إلّا أن يشاء الله، إنّ هذا الأمر أمر جاهليّة، وإنّ لهؤلاء القوم مادّة [٦] . إنّ الناس من هذا الأمر- إن حرّك- على أمور: فرقة ترى ما ترون، وفرقة ترى ما لا ترون، وفرقة لا ترى هذا ولا هذا حتّى يهدأ الناس، وتقع القلوب مواقعها، وتؤخذ الحقوق. فاهدءوا عنّى، وانظروا ماذا يأتيكم، ثم عودوا» .
واشتدّ علىّ على قريش، وحال بينهم وبين الخروج [وتركها][٧] على حالها، وإنّما هيّجه على ذلك هرب بنى أميّة وتفرّق القوم.
وحكى أبو عمر ابن عبد البر [٨] قال: لمّا بايع الناس علىّ بن أبى طالب دخل عليه المغيرة بن شعبة [٩] ، فقال له:«يا أمير المؤمنين، إنّ لك عندى نصيحة» . قال: وما هى؟ قال: «إن
[١] «عبدان» بضم العين أو كسرها مع سكون الباء: جمع عبد. [٢] ثابت: رجعت واجتمعت. [٣] كذا فى النسخة (ن) وهو مثل ما فى تاريخى ابن جرير وابن كثير ورقع فى (ص) و (ك) : «أعرانكم» . [٤] هكذا جاء فى تاريخ ابن جرير ج ٣ ص ٤٥٨، ى: هم بينكم. وفى المخطوطة هنا «خلاصكم» . وفى تاريخ ابن الأثير ج ٣ ص ١٠٠: «خلاطكم» . [٥] يسومونكم: يكلفونكم. [٦] أى: ما أعينوا. [٧] زيادة من ابن الأثير. [٨] فى الاستيعاب ج ٣ ص ٣٩٠. [٩] المغيرة بن شعبة أحد دهاة العرب المشهورين فى ذلك العهد، وهم: معاوية ابن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، وزياد، والمغيرة.