وقال أبو عمر ابن عبد البر [١] رحمه الله: أحسن ما رأيت فى صفته رضى الله عنه- أنه كان ربعة [٢] من الرجال، إلى القصر ما هو، أدعج [٣] العينين، حسن الوجه، كأنّه القمر ليلة البدر حسنا، ضخم البطن عريض المنكبين، شثن الكفّين [٤] ، أغيد [٥] ، كأنّ عنقه إبريق فضّة، أصلع ليس فى رأسه شعر إلّا من خلفه، كبير اللحية، لمنكبيه مشاش [٦] كمشاش السبع الضارى، لا يبين [٧] عضده من ساعده، قد ادّمجت ادّماجا [٨] إذا مشى تكفّأ [٩] ، وإن أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلا يستطيع أن يتنفّس، وهو إلى السّمن ما هو، شديد الساعد واليد، إذا مشى إلى الحرب هرول [١٠] ، ثبت الجنان [١١] قوىّ شجاع، منصور على من لاقاه، رضى الله عنه.
[١] فى كتابه «الاستيعاب فى أسماء الأصحاب» ج ٣ ص ٥٧، ثم انظر (وقعة صفين) ص ٢٦٢. [٢] ليس بالطويل البائن ولا بالقصير البائن، وقد جاء ذلك فى وصف النبى صلى الله عليه وسلم، كما تقدم ج ١٨ ص ٢٣٧، إلا أن النبى كان أقرب إلى الطول، وعليا كان أقرب إلى القصر. [٣] شديد سواد العينين مع سعتهما. [٤] أى أنهما تميلان إلى الغلظ. [٥] مائل العنق لين الأعطاف. [٦] المشاش: رءوس العظام. [٧] فى الاستيعاب: «لا يتبين» ، وهما بمعنى واحد. [٨] أورد صاحب الرياض النضرة ج ٢ ص ١٥٦ صفة على رضى الله عنه مشتملة على مثل ما هنا، ثم قال فى شرح هذا الموضع منها: «يريد أن عظمى عضده وساعده الينهما قد اندمجا. وهكذا هو فى صفة الأسد، والضارى: المتعود للصيد» ١٠ هـ فيكون «ادّمجت» بتشديد الدال بمعنى «اندمجت» ، ويجوز أن يكون «أدمجت» بضم الهمزة وسكون الدال وكسر الميم، لقول اللغويين: رجل مدمج بسكون الدال أى كالحبل المحكم الفتل. [٩] أسرع فى المشى كأنه يميل إلى قدام من سرعة مشيه. [١٠] أسرع فى المشى دون أن يعدو. [١١] ثابت القلب.