الدليل السابع عشر: أن هؤلاءِ المتمذهبين في أمورِ دنياهم لا يقلَّدون أحدًا، ولا يجرون معاملةً حتى يتأمّلونها، ويتقون الغبنَ فيها، وإذا كان هذا صنيعُهم في أمورِ دنياهم، فإنَّ أمورَ دينهم أولى أنْ لا يقلدوا فيها أحدًا (١).
الدليل الثامن عشر: أن التمذهبَ يؤدّي إلى مفاسد عدةٍ، منها:
• التعصّبُ لقولِ إمامِ المذهب، والدفاعُ عنه بشتى السبل، وإذا خالفَ قولُ الإمامِ نصًّا مِن الكتاب أوَ السنةِ، انبرى أتباعُه في التكلَّفِ في ردِّ النصِّ، وإخراجِه عن دلالتِه، وَتحيلوا لدفعِه؛ ليصحَّ قولُ إمامِهم (٢).
• الوقوعُ في التفرقِ والاختلافِ في الدّينِ، وهذا التفرقُ هو شأنُ أتباعِ المذاهبِ (٣).
• عدمُ معرفةِ الأدلةِ التي تدلُّ على خلافِ مذهبِ الإمامِ؛ وذلك لاكتفائِهم به واقتصارِهم عليه، وتقليدهم إيّاه في كلِّ ما قالَ، وعدم النظرِ في الأدلةِ.
يقولُ الفخرُ الرازي: "قد شاهدتُ جماعةً مِن مقلّدةِ الفقهاءِ، قرأتُ عليهم آياتٍ كثيرةً مِنْ كتاب الله تعالى في بعضِ المسائلِ، وكانت مذاهبُهم بخلافِ تلك الآياتِ، فلمَ يقبلوا تلك الآيات، ولم يلتفتوا إليها، وبقوا
= والمتفقه (٢/ ١٣٦ - ١٣٧). وانظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (٢/ ٩٩٢ - ٩٩٣)، وإعلام الموقعين (٣/ ٤٦٢ - ٤٦٣)، وأضواء البيان (٧/ ٥٣٠). (١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٣٠)، وإعلام الموقعين (٤/ ٢٩). (٢) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ٤٩٠ - ٤٩١)، وإرشاد النقاد للصنعاني (ص/ ١٦٣ وما بعدها)، ودرة الغمام الرقيق لعبد الله التليدي (ص/ ٣١)، وسبيل الجنة لأحمد آل بوطامي (ص/ ٩٠ وما بعدها)، وبدعة التعصب المذهبي لعباسي (ص/ ٩٤)، والتقليد وأحكامه للدكتور سعد الشثري (ص/١٤٤). (٣) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ٥٢٤)، وتحفة الأنام للسندي (ص/ ٧١)، ودليل الطالب للقنوجي (ص/ ١٩٢)، وهداية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان للمعصومي (ص/ ٧٩)، وبدعة التعصب المذهبي لعباسي (ص/ ٩٤)، والتقليد وأحكامه للدكتور سعد الشثري (ص/ ١٤٤)، والتمذهب لليافعي (ص/ ١٣٨).