ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ المتمذهبين على مرِّ عصورٍ متتاليةٍ كانوا يَتَوَلَّون مهمةَ إفتاءِ الناسِ، وبيان الحكمِ لما يسألون عنه.
وقبلَ الحديثِ عن حكمِ إفتاءِ المتمذهبِ بمذهبِه أرى مِن اللازمِ الإشارةُ والتنبيهُ إلى الأمور الآتية:
الأمر الأول: الأصلُ أنْ يكونَ المفتي بالغًا رتبة الاجتهادِ في الشريعةِ (١).
الأمر الثاني: إنْ كانَ المتمذهبُ بالغًا درجةَ الاجتهاد في الشريعةِ (متمذهبًا بالاسم فحسب)(٢)، أو تحققَ له وصفُ الاجتهاد الجزئي فيما سُئلَ عنه (٣)، فإنَّه يُفتي بالقولِ الذي ترجّحَ عنده، إنْ كانَ سؤالُ المستفتي عن الحكمِ الشرعي.
أمَّا إنْ سأل المستفتي عن قولِ إمامِ المذهبِ، فإنَّ المتمذهبَ في هذه الحالةِ يُفتي السائلَ بالقولِ الراجحِ عنده، ويبيِّنُ له قولَ إمامِه الذي سُئِلَ عنه (٤).