ويمكن أن يناقش الدليل الثاني بمثل مناقشةِ الدليلِ الأولِ.
الدليل الثالث: لو جازت الفتيا عن طريقِ حكايةِ المذهبِ، لجازَ للعامي الإفتاءُ بطريقِ الحكايةِ، بجامعِ: عدمِ بلوغِ رتبةِ الاجتهادِ في كلٍّ منهما، والعاميُّ لا يجوزُ له الإفتاءُ بقولِ أحدٍ مِن الأَئمةِ، فكذا مَنْ عداه (١).
مناقشة الدليل الثالث، نوقش الدليل من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ الإجماعَ - الآتي في دليلِ أصحاب القولِ الثالثِ - هو الذي نَهَضَ بالمتمذهب المتبحّرِ في مذهبِه المطَّلعِ على مآخذِه، فجوَّز له الإفتاءَ، والعاميُّ لا دليلَ عَلى جوازِ إفتائِه (٢).
الوجه الثاني: هناك فرقٌ واضحٌ بين المتمذهبِ المطَّلعِ على مذهبِ إمامِه ذي الأهليةِ، والعامي، فلا تصحُّ التسوية بينهما، ولذا صحَّ لنا منعُ العامي مِن الإفتاءِ بقولِ أحدٍ مِن الأئمةِ، وتجويزُه للمتمذهبِ البصيرِ بمذهبِ إمامِه؛ إذ يبعدُ عنه الخطأُ (٣).