الدنيا (١). ومر النبي صلى الله عليه وسلم بأهل الصفة، وهم يرقعون ثيابهم بالأدم ما يجدون لهم رقاعا، فقال:"أنتم اليوم خير أم يوم يغدى على أحدكم بجفنة ويراح بأخرى، ويغدو بحلة ويروح بأخرى؟ فقالوا: ذلك اليوم خير؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" بل هذا خير " (٢).
{الْهُونِ} الهوان. الأحقاف: جمع حقف، وهي رمال مستطيلة مرتفعة، مأخوذة من احقوقف الشيء: إذا اعوج. وكانت عاد أصحاب عمد يسكنون على رمال مشرفين على البحر بأرض يقال لها: الشحر (٣) من بلاد اليمن. وقيل: بين عمان ومهرة. والنذر: جمع نذير، بمعنى المنذر، أو الإنذار. {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} من قبله {وَمِنْ خَلْفِهِ} من بعده، والمعنى: أن الله بعثني إليكم لآمركم بالتوحيد، وأخوفكم العذاب، وأعلمهم أن الرسل الذين كانوا قبله بعثوا بمثل ذلك، ولك أن تجعل قوله:{وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} اعتراضا بين {أَنْذَرَ قَوْمَهُ} وبين {أَنْ لا تَعْبُدُوا} ويكون المعنى: واذكر إنذار هود قومه عاقبة الشرك، وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك.
{لِتَأْفِكَنا} لتصرفنا؛ يقال: أفكه عن الأمر: إذا صرفه. {عَنْ آلِهَتِنا} عن عبادتها.
وإنما طابق قوله:(٢٦٠ /ب){قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ} لقوله: {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا} لأن هودا هددهم بالعذاب فأنكروه واستهزءوا به؛ فقال لهم: إنني لا أعلم إلا ما علمني الله؛ ولكنه تعالى لم يعلمني بوقت العذاب، وليس علي إلا البلاغ، وأنتم قوم تجهلون فتضيفون إلي العلم بالمغيبات، والهاء في {رَأَوْهُ} ترجع إلى {بِما تَعِدُنا} ويجوز أن يكون مبهما فسره ما بعده إما تمييزا وإما حالا.
(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/ ٢١). (٢) ذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ١٢) ونسبه لعبد بن حميد وابن جرير الطبري. (٣) الشحر - بكسر أوله وإسكان ثانيه بعده راء مهملة -: ساحل اليمن وهو ممتد بينها وبين عمان. ينظر: معجم ما استعجم لأبي عبيد البكري (٣/ ٧٨٣).