بايع ليزيد ولده، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: لقد جئتم بها هر قلية، فقال مروان: يا أيها الناس: هذا الذي قال الله في حقه: {وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما} فسمعت عائشة فغضبت وقالت: إن عبد الرحمن رجل صالح، والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته، ولكن هو قصص من لعنه الله (١). واللام للبيان؛ أي: هذا التأفف لكما خاصة؛ كقوله:{هَيْتَ لَكَ}(٢). {أَنْ أُخْرَجَ} أن أبعث وأخرج من الأرض {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} أي: ولم يأت منهم من يخبرنا عن حقيقة الحال. {يَسْتَغِيثانِ} يقولان: الغياث بالله منك.
{وَيْلَكَ} دعاء عليه بالثبور. (٢٦٠ /أ) المراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك. {فِي أُمَمٍ؛} كقوله: {فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ}.
{وَلِكُلٍّ} من الجنسين المذكورين {دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} أي: منازل ومراتب لما عملوا من الخير والشر، والجنة درجات، والنار دركات؛ فغلب جانب الخير. و {وَلِيُوَفِّيَهُمْ} تعليل معلله محذوف تقديره: فعل ذلك ليوفيهم {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ أَذْهَبْتُمْ} أي: يقال لهم: أذهبتم، ويقال المحذوفة هي العاملة في الظرف، والعرض على النار؛ كقولك:
عرضت الحوض عليها. وفي تفسير ابن عباس: يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها (٣).
{أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ} أي: لم يكن لكم حظ من الطيبات إلا ما أصبتموه في الدنيا، وقد أخذتموه فلم يبق لكم نصيب في الآخرة. وروي عن عمر أنه قال: لو شئت لكنت أحسنكم لباسا وأطيبكم طعاما، ولكني سمعت الله ينعي لقوم أنهم أخذوا نصيبهم من الطيبات في
(١) نسبه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٤٤٤) لابن أبي حاتم وابن مردويه. (٢) سورة يوسف، الآية (٢٣). (٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٠٥).