لما رأى ابن الزبعرى لفظا محتملا للعموم مع علمه بأن المراد الأصنام، والظاهر أن لفظة (ما) لغير العقلاء؛ فتدخل فيه الأصنام.
وقيل: إنهم لما قالوا لما نزل قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ}(٢) قالوا: نحن خير من النصارى؛ إنهم عبدوا آدميا، ونحن عبدنا الملائكة؛ فنزلت (٣).
وقوله:{أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ} هذا تفضيل لآلهتهم على عيسى، ويجوز أن يكون "جدلا" حال؛ أي: جدلين. وقيل: قالت قريش: إن محمدا يريد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى وهو بشر. وقوله:{أَمْ هُوَ} يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم ومقارنة النبي بآلهتهم تنقيص من جانب النبي صلى الله عليه وسلم.
{إِنْ هُوَ} عيسى {إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ} بالنبوة وخلقناه من غير أب، وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر، ولو نشاء لفعلنا كل عجيب. {مَلائِكَةً} يخلفونكم في الأرض؛ كما تخلفكم الأولاد.
{وَإِنَّهُ} وإن عيسى {لَعِلْمٌ لِلسّاعَةِ} أي: هو شرط من أشراط الساعة، وعلامة من علاماتها، وسمي الشرط علما لحصول العلم به، وقرأ ابن عباس بفتح اللام (٤) أي:
(١) سورة مريم، الآية (٩٧). (٢) سورة آل عمران، الآية (٥٩). (٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٢٦٠). (٤) وقرأ بها أيضا أبو هريرة وأبو مالك الغفاري وقتادة ومالك بن دينار والضحاك وزيد بن علي. تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٢٦)، تفسير القرطبي (١٦/ ١٠٥)، الدر المصون -